كتاب مذكرات قبوالكتب والموسوعات العامة

كتاب مذكرات قبو

نبذة من الرواية : في هذه الرواية يصف دستويفسكي العوالم الداخلية لانسان لا يجد لنفسه موقعا في كنف المجتمع، ومن ثم يأخذ في صب جام غضبه وحقده ومخاوفه انطلاقا من مسكنه المعتم الذي يقع في قبو ارضي على الطبيعة البشرية. إن مأساة هذا الأنسان المهان والحقود هي ورغبته ووعيه في مستقبل افضل، وهي في الوقت ذاته، ادراكه لاستحالة تحقيق ذلك، اذا حتى حب ليزا له، وصفحها عنه، وهي تلك الفتاة التي ما فتيء يهينها ,حتى ذلك الحب الذي كان من الممكن ان يغير فيه شيئا , ويفتح له طريقا نحو حياة سعيدة، ظل بطلنا يرفضه, مفضلا الانزواء في قبوه، مسجون في كبريائه الجريحة، وعزة نفسه المهانة، ونزعته الشريرة، وسخطه ومرارته… لقد اعتبرة رواية “مذكرات قيو” بتأثيرها البين على فكر بعض الكتاب الكبار، من قبل نيتشه وكافكا وكامو، واحدة من المؤلفات الوجودية الأولى. كم هو وحيد وبائس ذلك الذي يختبئ في قبو، في قبو روحه، ذلك الذي لم يتكيف يوماً مع واقع ولا أستطاع أن يعرف كيف يعيش مع الناس، كان يمل أسرع مما كان يفقد فيه حاسة الثقة بالنفس، كان مجروحاً، ثم غدا آثما، ثم عصبياً، هائجاً، ناقماً على كل شيء، تسلل داء الوحدة والعزلة إلى روحه، كان أشبه بمن أستفاق في سجن، كان يرى أن الحياة سجن سخيفة، سجن مليء بأناس فوضويون، بقساة القلوب، ظل بطلنا في قبوه لمدة عشرين عاماً، منعزلاً عن الحياة والبشر، أصبح يرى الواقع مثل كومة هباء، لم يجبر نفسه يوماً فعل ما يجعله يعتقد خلاف ذلك، ما من أمر أجبره على الخروج من ذلك القبو العفن، بالوحدة والخطايا، والتأنيب ، وكما عبر نابكوف مرةً : ‏" لقد أخذت الوحدة تفسدني، وأخذت أحتاج إلى من يُلازمني ويعتني بي، وأصبح قلبي جهازاً هستيرياً لا يوثق به." مر بطل قبونا - إن شئنا أن نسميه - بمرحلة الإنسحاب، ثم التكور على الذات، ثم النقمة على المجتمع، ثم الغضب، ثم التعب، وبعد ذلك الهذيان في الكتابة، كان شريراً بحق، لاذعاً، غير عابئ حتى بكرامته، أصبح يلقي بالخطب والمواعظ، تعب من إنتقاد ذاته، يعلم أنه تصرف في مرات عديدة ببلاهة، يلتقي بأصدقاء قدماء، لا يرونه سوى حشرة تداس، وفي أفضل الحالات تحول إلى موضع للسخرية في جلسة خمر، يا إلهي كم يفقد الإنسان نفسه حين لا يعود يتعرف على واقعه، يصبح ضحلاً، يُسمي أتفه التفاصيل التي يعملها إنتصاراً، يضخم من ذاته ثم ينكمش، فيتحطم في نهاية المطاف، ثم يلتقي بمن هو أدنى منه، فالويل لذلك الأدنى، الذي سيصب عليه جام غضبه ومواعظه الأخلاقية ورؤيته للإنسان الفاضل، من هو؟ مجرد هارب يبحث عمن يكون أدنى منه، مجرد خائف من مواجهة ذاته، القبو عبارة عن أرض يرقد فيها بطلنا بلا حياة، ولكنه أصبح يعرف كيف يحكي ويعبر عن ذاته أيما تعبير، أصبح موقناً بأن لا شيء أفضل من أن يحكي ويسخر ويغرق الورق بخموله النفسي ولا-واقعيته، مرارة حياته هو، صار يندب ماضية، وواقعه والمجتمع المادي الجامد الذي يعيش فيه، صار يعي أن حياته قد أنتهت في ذلك القبو المعتم، حياته ، شروده، غموضه تجاه الأشياء، أحلامه التي لم تكن يوماً سوى أحلاماً بسيطة، صارت توخزه، تجعله غاضباً على الدوام .. هذه الرواية ربما تكون من أعمق ما كتب دوستويفسكي في مجال النفس البشرية وإزالة الموانع أمام التعرف على روح الإنسان الداخلية بمسحة شديدة من السوداوية، والرؤى المحطمة، والأسلوب اللاذع والتهكمي من مصير الإنسان وحياته وبواعثه، تحكي عن الهروب البشع أمام الحضارة والمادة، أمام المجتمع والواقع ، إما أن ينكمش الإنسان أو يتمادى في واقعيته، لا حل آخر، يظهر دوستويفسكي متعصباً، غاضباً من مجتمعه، غير آبهاً لسخرية الآخرين، ولا متطلعاً لترف الاعجابات، رواية صريحة، عميقة، مدهشة، ومرعبة أيضاً في تحليلها وواقعيتها .. ذكرني بطل هذه الرواية ببطل رواية (الليالي البيضاء) ، اللذين يتجسدان بلا أسم ولا أوصاف، يخرجان من جحريهما نحو فضاء لا يعرفانه، يتخبطان في الواقع، يحكيان مثل ساذجين، خرجا من كتاب وظلا يثرثران، هناك ربط عجيب بين الروايتين، ومشاعر متشابهة لدى قراءة كليهما، هل يمكن أن يكون الشخص ذاته، راودتني هذه الأفكار فعلاً، هل هذا هو مصير الذي كتبه دوستويفسكي لصاحبنا في رواية (الليالي البيضاء)، هل وصل به الحال أن يرمي بطله في حفرة مثل هذا القبو وهو يشاهده يغضب ويثور، ويتخبط، لا أستبعد ذلك خصوصاً وأن كلاهما كان حالماً، حساساً، غريب الأطوار، وحيدين مثل سلحفاة، عاطفيين مثل أبطال الحكايات الغابرة، ربما تكون مذكرات القبو هذه هي الجزء التالي لحكاية العاشق، العاشق المخرّب، الذي خسر الحب ، خسر حياته، واقعه، وظل يكتب ويكتب، يكتب مثل من يحلم بالنجاة .. " أيها السادة، سأخبركم حول الكيفية التي أضعتُ فيها فرصة النجاح في حياتي ...... بفعل الفساد الروحي والأخلاقي الذي أعاني منه، وبفعل الوقاحة الصلفة التي أتصف بها، وبفعل عدم تعودي على الحياة المُعاشة، وبفعل تراكم الغيظ والحقد اللذين نميتُهما في قبوي "
فيودور دوستويفسكي - ولِد دوستويفسكي في موسكو عام 1821، وبدأ قراءته الأدبية في عُمرٍ مُبكّر من خلال قراءة القصص الخيالية والأساطير من كُتّاب روس وأجانب. توفّيت والدته عام 1837 عندما كان عُمره 15 سنة، وفي نفس الوقت ترك المدرسة والتَحق بمعهد الهندسة العسكرية. وبعد تَخرّجه عَمِل مُهندساً واستمتع بأسلوب حياةٍ باذِخ، وكان يُترجم كُتباً في ذلك الوقت أيضاً ليكون كدخلٍ إضافيّ له. في مُنتَصف الأربعينيات كَتب روايته الأولى المساكين التي أدخلته في الأوساط الأدبية في سانت بطرسبرغ حيث كان يعيش. وقد أُلقيَ القبض عليه عام 1849 لانتمائه لرابطة بيتراشيفسكي وهي مجموعةٌ أدبية سريّة تُناقِش الكتب الممنوعة التي تنتقد النظام الحاكِم في روسيا وحُكِم عليه بالإعدام، ولكن تم تخفيف الحُكم في اللحظات الأخيرة من تنفيذه، فقضى 4 سنوات في الأعمال الشاقّة تلاها 6 سنوات من الخدمة العسكرية القسرية في المنفى. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الجريمة والعقاب ج 1 ❝ ❞ الانسان الصرصار ❝ ❞ مذلون مهانون ❝ ❞ الأخوة كارامازوف الجزء الاول ❝ ❞ الفقراء ❝ ❞ حلم رجل مضحك ❝ ❞ الجريمة والعقاب ج 2 ❝ ❞ الليالى البيضاء ❝ ❞ الشياطين ❝ الناشرين : ❞ عصير الكتب للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار دون للنشر والتوزيع ❝ ❞ المركز الثقافي العربي ❝ ❞ دار التنوير للطباعة والنشر ❝ ❞ الدار الأهلية للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار العلم للملايين ❝ ❞ دار الحلم للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار ابن رشد للطباعة والنشر ❝ ❞ أقلام عربية للنشر والتوزيع ❝ ❱
من الادب العالمى - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.

وصف الكتاب : نبذة من الرواية :



في هذه الرواية يصف دستويفسكي العوالم الداخلية لانسان لا يجد لنفسه موقعا في كنف المجتمع، ومن ثم يأخذ في صب جام غضبه وحقده ومخاوفه انطلاقا من مسكنه المعتم الذي يقع في قبو ارضي على الطبيعة البشرية.

إن مأساة هذا الأنسان المهان والحقود هي ورغبته ووعيه في مستقبل افضل، وهي في الوقت ذاته، ادراكه لاستحالة تحقيق ذلك، اذا حتى حب ليزا له، وصفحها عنه، وهي تلك الفتاة التي ما فتيء يهينها ,حتى ذلك الحب الذي كان من الممكن ان يغير فيه شيئا , ويفتح له طريقا نحو حياة سعيدة، ظل بطلنا يرفضه, مفضلا الانزواء في قبوه، مسجون في كبريائه الجريحة، وعزة نفسه المهانة، ونزعته الشريرة، وسخطه ومرارته…

لقد اعتبرة رواية “مذكرات قيو” بتأثيرها البين على فكر بعض الكتاب الكبار، من قبل نيتشه وكافكا وكامو، واحدة من المؤلفات الوجودية الأولى.

كم هو وحيد وبائس ذلك الذي يختبئ في قبو، في قبو روحه، ذلك الذي لم يتكيف يوماً مع واقع ولا أستطاع أن يعرف كيف يعيش مع الناس، كان يمل أسرع مما كان يفقد فيه حاسة الثقة بالنفس، كان مجروحاً، ثم غدا آثما، ثم عصبياً، هائجاً، ناقماً على كل شيء، تسلل داء الوحدة والعزلة إلى روحه، كان أشبه بمن أستفاق في سجن، كان يرى أن الحياة سجن سخيفة، سجن مليء بأناس فوضويون، بقساة القلوب، ظل بطلنا في قبوه لمدة عشرين عاماً، منعزلاً عن الحياة والبشر، أصبح يرى الواقع مثل كومة هباء، لم يجبر نفسه يوماً فعل ما يجعله يعتقد خلاف ذلك، ما من أمر أجبره على الخروج من ذلك القبو العفن، بالوحدة والخطايا، والتأنيب ، وكما عبر نابكوف مرةً :

‏" لقد أخذت الوحدة تفسدني، وأخذت أحتاج إلى من يُلازمني ويعتني بي، وأصبح قلبي جهازاً هستيرياً لا يوثق به."

مر بطل قبونا - إن شئنا أن نسميه - بمرحلة الإنسحاب، ثم التكور على الذات، ثم النقمة على المجتمع، ثم الغضب، ثم التعب، وبعد ذلك الهذيان في الكتابة، كان شريراً بحق، لاذعاً، غير عابئ حتى بكرامته، أصبح يلقي بالخطب والمواعظ، تعب من إنتقاد ذاته، يعلم أنه تصرف في مرات عديدة ببلاهة، يلتقي بأصدقاء قدماء، لا يرونه سوى حشرة تداس، وفي أفضل الحالات تحول إلى موضع للسخرية في جلسة خمر، يا إلهي كم يفقد الإنسان نفسه حين لا يعود يتعرف على واقعه، يصبح ضحلاً، يُسمي أتفه التفاصيل التي يعملها إنتصاراً، يضخم من ذاته ثم ينكمش، فيتحطم في نهاية المطاف، ثم يلتقي بمن هو أدنى منه، فالويل لذلك الأدنى، الذي سيصب عليه جام غضبه ومواعظه الأخلاقية ورؤيته للإنسان الفاضل، من هو؟ مجرد هارب يبحث عمن يكون أدنى منه، مجرد خائف من مواجهة ذاته، القبو عبارة عن أرض يرقد فيها بطلنا بلا حياة، ولكنه أصبح يعرف كيف يحكي ويعبر عن ذاته أيما تعبير، أصبح موقناً بأن لا شيء أفضل من أن يحكي ويسخر ويغرق الورق بخموله النفسي ولا-واقعيته، مرارة حياته هو، صار يندب ماضية، وواقعه والمجتمع المادي الجامد الذي يعيش فيه، صار يعي أن حياته قد أنتهت في ذلك القبو المعتم، حياته ، شروده، غموضه تجاه الأشياء، أحلامه التي لم تكن يوماً سوى أحلاماً بسيطة، صارت توخزه، تجعله غاضباً على الدوام ..



هذه الرواية ربما تكون من أعمق ما كتب دوستويفسكي في مجال النفس البشرية وإزالة الموانع أمام التعرف على روح الإنسان الداخلية بمسحة شديدة من السوداوية، والرؤى المحطمة، والأسلوب اللاذع والتهكمي من مصير الإنسان وحياته وبواعثه، تحكي عن الهروب البشع أمام الحضارة والمادة، أمام المجتمع والواقع ، إما أن ينكمش الإنسان أو يتمادى في واقعيته، لا حل آخر، يظهر دوستويفسكي متعصباً، غاضباً من مجتمعه، غير آبهاً لسخرية الآخرين، ولا متطلعاً لترف الاعجابات، رواية صريحة، عميقة، مدهشة، ومرعبة أيضاً في تحليلها وواقعيتها ..



ذكرني بطل هذه الرواية ببطل رواية (الليالي البيضاء) ، اللذين يتجسدان بلا أسم ولا أوصاف، يخرجان من جحريهما نحو فضاء لا يعرفانه، يتخبطان في الواقع، يحكيان مثل ساذجين، خرجا من كتاب وظلا يثرثران، هناك ربط عجيب بين الروايتين، ومشاعر متشابهة لدى قراءة كليهما، هل يمكن أن يكون الشخص ذاته، راودتني هذه الأفكار فعلاً، هل هذا هو مصير الذي كتبه دوستويفسكي لصاحبنا في رواية (الليالي البيضاء)، هل وصل به الحال أن يرمي بطله في حفرة مثل هذا القبو وهو يشاهده يغضب ويثور، ويتخبط، لا أستبعد ذلك خصوصاً وأن كلاهما كان حالماً، حساساً، غريب الأطوار، وحيدين مثل سلحفاة، عاطفيين مثل أبطال الحكايات الغابرة، ربما تكون مذكرات القبو هذه هي الجزء التالي لحكاية العاشق، العاشق المخرّب، الذي خسر الحب ، خسر حياته، واقعه، وظل يكتب ويكتب، يكتب مثل من يحلم بالنجاة ..


" أيها السادة، سأخبركم حول الكيفية التي أضعتُ فيها فرصة النجاح في حياتي ...... بفعل الفساد الروحي والأخلاقي الذي أعاني منه، وبفعل الوقاحة الصلفة التي أتصف بها، وبفعل عدم تعودي على الحياة المُعاشة، وبفعل تراكم الغيظ والحقد اللذين نميتُهما في قبوي "

للكاتب/المؤلف : فيودور دوستويفسكي .
دار النشر : المركز الثقافي العربي .
سنة النشر : 2018م / 1439هـ .
عدد مرات التحميل : 5709 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الخميس , 25 نوفمبر 2021م.

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

نبذة من الكتاب :

في هذه الرواية يصف دستويفسكي العوالم الداخلية لانسان لا يجد لنفسه موقعا في كنف المجتمع، ومن ثم يأخذ في صب جام غضبه وحقده ومخاوفه انطلاقا من مسكنه المعتم الذي يقع في قبو ارضي على الطبيعة البشرية.

إن مأساة هذا الأنسان المهان والحقود هي ورغبته ووعيه في مستقبل افضل، وهي في الوقت ذاته، ادراكه لاستحالة تحقيق ذلك، اذا حتى حب ليزا له، وصفحها عنه، وهي تلك الفتاة التي ما فتيء يهينها ,حتى ذلك الحب الذي كان من الممكن ان يغير فيه شيئا , ويفتح له طريقا نحو حياة سعيدة، ظل بطلنا يرفضه, مفضلا الانزواء في قبوه، مسجون في كبريائه الجريحة، وعزة نفسه المهانة، ونزعته الشريرة، وسخطه ومرارته…

لقد اعتبرة رواية “مذكرات قيو” بتأثيرها البين على فكر بعض الكتاب الكبار، من قبل نيتشه وكافكا وكامو، واحدة من المؤلفات الوجودية الأولى. 

كم هو وحيد وبائس ذلك الذي يختبئ في قبو، في قبو روحه، ذلك الذي لم يتكيف يوماً مع واقع ولا أستطاع أن يعرف كيف يعيش مع الناس، كان يمل أسرع مما كان يفقد فيه حاسة الثقة بالنفس، كان مجروحاً، ثم غدا آثما، ثم عصبياً، هائجاً، ناقماً على كل شيء، تسلل داء الوحدة والعزلة إلى روحه، كان أشبه بمن أستفاق في سجن، كان يرى أن الحياة سجن سخيفة، سجن مليء بأناس فوضويون، بقساة القلوب، ظل بطلنا في قبوه لمدة عشرين عاماً، منعزلاً عن الحياة والبشر، أصبح يرى الواقع مثل كومة هباء، لم يجبر نفسه يوماً فعل ما يجعله يعتقد خلاف ذلك، ما من أمر أجبره على الخروج من ذلك القبو العفن، بالوحدة والخطايا، والتأنيب ، وكما عبر نابكوف مرةً :

‏" لقد أخذت الوحدة تفسدني، وأخذت أحتاج إلى من يُلازمني ويعتني بي، وأصبح قلبي جهازاً هستيرياً لا يوثق به."

مر بطل قبونا - إن شئنا أن نسميه - بمرحلة الإنسحاب، ثم التكور على الذات، ثم النقمة على المجتمع، ثم الغضب، ثم التعب، وبعد ذلك الهذيان في الكتابة، كان شريراً بحق، لاذعاً، غير عابئ حتى بكرامته، أصبح يلقي بالخطب والمواعظ، تعب من إنتقاد ذاته، يعلم أنه تصرف في مرات عديدة ببلاهة، يلتقي بأصدقاء قدماء، لا يرونه سوى حشرة تداس، وفي أفضل الحالات تحول إلى موضع للسخرية في جلسة خمر، يا إلهي كم يفقد الإنسان نفسه حين لا يعود يتعرف على واقعه، يصبح ضحلاً، يُسمي أتفه التفاصيل التي يعملها إنتصاراً، يضخم من ذاته ثم ينكمش، فيتحطم في نهاية المطاف، ثم يلتقي بمن هو أدنى منه، فالويل لذلك الأدنى، الذي سيصب عليه جام غضبه ومواعظه الأخلاقية ورؤيته للإنسان الفاضل، من هو؟ مجرد هارب يبحث عمن يكون أدنى منه، مجرد خائف من مواجهة ذاته، القبو عبارة عن أرض يرقد فيها بطلنا بلا حياة، ولكنه أصبح يعرف كيف يحكي ويعبر عن ذاته أيما تعبير، أصبح موقناً بأن لا شيء أفضل من أن يحكي ويسخر ويغرق الورق بخموله النفسي ولا-واقعيته، مرارة حياته هو، صار يندب ماضية، وواقعه والمجتمع المادي الجامد الذي يعيش فيه، صار يعي أن حياته قد أنتهت في ذلك القبو المعتم، حياته ، شروده، غموضه تجاه الأشياء، أحلامه التي لم تكن يوماً سوى أحلاماً بسيطة، صارت توخزه، تجعله غاضباً على الدوام ..

هذه الرواية ربما تكون من أعمق ما كتب دوستويفسكي في مجال النفس البشرية وإزالة الموانع أمام التعرف على روح الإنسان الداخلية بمسحة شديدة من السوداوية، والرؤى المحطمة، والأسلوب اللاذع والتهكمي من مصير الإنسان وحياته وبواعثه، تحكي عن الهروب البشع أمام الحضارة والمادة، أمام المجتمع والواقع ، إما أن ينكمش الإنسان أو يتمادى في واقعيته، لا حل آخر، يظهر دوستويفسكي متعصباً، غاضباً من مجتمعه، غير آبهاً لسخرية الآخرين، ولا متطلعاً لترف الاعجابات، رواية صريحة، عميقة، مدهشة، ومرعبة أيضاً في تحليلها وواقعيتها ..

ذكرني بطل هذه الرواية ببطل رواية (الليالي البيضاء) ، اللذين يتجسدان بلا أسم ولا أوصاف، يخرجان من جحريهما نحو فضاء لا يعرفانه، يتخبطان في الواقع، يحكيان مثل ساذجين، خرجا من كتاب وظلا يثرثران، هناك ربط عجيب بين الروايتين، ومشاعر متشابهة لدى قراءة كليهما، هل يمكن أن يكون الشخص ذاته، راودتني هذه الأفكار فعلاً، هل هذا هو مصير الذي كتبه دوستويفسكي لصاحبنا في رواية (الليالي البيضاء)، هل وصل به الحال أن يرمي بطله في حفرة مثل هذا القبو وهو يشاهده يغضب ويثور، ويتخبط، لا أستبعد ذلك خصوصاً وأن كلاهما كان حالماً، حساساً، غريب الأطوار، وحيدين مثل سلحفاة، عاطفيين مثل أبطال الحكايات الغابرة، ربما تكون مذكرات القبو هذه هي الجزء التالي لحكاية العاشق، العاشق المخرّب، الذي خسر الحب ، خسر حياته، واقعه، وظل يكتب ويكتب، يكتب مثل من يحلم بالنجاة ..


" أيها السادة، سأخبركم حول الكيفية التي أضعتُ فيها فرصة النجاح في حياتي ...... بفعل الفساد الروحي والأخلاقي الذي أعاني منه، وبفعل الوقاحة الصلفة التي أتصف بها، وبفعل عدم تعودي على الحياة المُعاشة، وبفعل تراكم الغيظ والحقد اللذين نميتُهما في قبوي "



نوع الكتاب : .
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:


فيودور دوستويفسكي
فيودور دوستويفسكي
Fyodor Dostoevsky
ولِد دوستويفسكي في موسكو عام 1821، وبدأ قراءته الأدبية في عُمرٍ مُبكّر من خلال قراءة القصص الخيالية والأساطير من كُتّاب روس وأجانب. توفّيت والدته عام 1837 عندما كان عُمره 15 سنة، وفي نفس الوقت ترك المدرسة والتَحق بمعهد الهندسة العسكرية. وبعد تَخرّجه عَمِل مُهندساً واستمتع بأسلوب حياةٍ باذِخ، وكان يُترجم كُتباً في ذلك الوقت أيضاً ليكون كدخلٍ إضافيّ له. في مُنتَصف الأربعينيات كَتب روايته الأولى المساكين التي أدخلته في الأوساط الأدبية في سانت بطرسبرغ حيث كان يعيش. وقد أُلقيَ القبض عليه عام 1849 لانتمائه لرابطة بيتراشيفسكي وهي مجموعةٌ أدبية سريّة تُناقِش الكتب الممنوعة التي تنتقد النظام الحاكِم في روسيا وحُكِم عليه بالإعدام، ولكن تم تخفيف الحُكم في اللحظات الأخيرة من تنفيذه، فقضى 4 سنوات في الأعمال الشاقّة تلاها 6 سنوات من الخدمة العسكرية القسرية في المنفى. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الجريمة والعقاب ج 1 ❝ ❞ الانسان الصرصار ❝ ❞ مذلون مهانون ❝ ❞ الأخوة كارامازوف الجزء الاول ❝ ❞ الفقراء ❝ ❞ حلم رجل مضحك ❝ ❞ الجريمة والعقاب ج 2 ❝ ❞ الليالى البيضاء ❝ ❞ الشياطين ❝ الناشرين : ❞ عصير الكتب للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار دون للنشر والتوزيع ❝ ❞ المركز الثقافي العربي ❝ ❞ دار التنوير للطباعة والنشر ❝ ❞ الدار الأهلية للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار العلم للملايين ❝ ❞ دار الحلم للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار ابن رشد للطباعة والنشر ❝ ❞ أقلام عربية للنشر والتوزيع ❝ ❱.



كتب اخرى في الادب العالمى

اهل الكهف لتوفيق الحكيم PDF

قراءة و تحميل كتاب اهل الكهف لتوفيق الحكيم PDF مجانا

الديكاميرون PDF

قراءة و تحميل كتاب الديكاميرون PDF مجانا

صانع الساعات الحكايات الشعبية عند الغجر PDF

قراءة و تحميل كتاب صانع الساعات الحكايات الشعبية عند الغجر PDF مجانا

الخلود PDF

قراءة و تحميل كتاب الخلود PDF مجانا

المقامر PDF

قراءة و تحميل كتاب المقامر PDF مجانا

الليالى البيضاء PDF

قراءة و تحميل كتاب الليالى البيضاء PDF مجانا

الزوج الابدى PDF

قراءة و تحميل كتاب الزوج الابدى PDF مجانا

حكايات منطقية PDF

قراءة و تحميل كتاب حكايات منطقية PDF مجانا

المزيد من فكر وثقافة في مكتبة فكر وثقافة , المزيد من كتب متنوعة في مكتبة كتب متنوعة , المزيد من كتب الأدب في مكتبة كتب الأدب , المزيد من كتب الجغرافيا والرحلات في مكتبة كتب الجغرافيا والرحلات , المزيد من كتب الأدب في مكتبة كتب الأدب , المزيد من كتب السير و المذكرات في مكتبة كتب السير و المذكرات , المزيد من كتب السياسة الشرعية في مكتبة كتب السياسة الشرعية , المزيد من كتب الأنساب في مكتبة كتب الأنساب , المزيد من كتب الادب والتراث في مكتبة كتب الادب والتراث
عرض كل الكتب والموسوعات العامة ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..