❞ كتاب جمال حمدان صاحب شخصية مصر وملامح من عبقرية الزمان ❝  ⏤ د. عبد الحميد صالح حمدان

❞ كتاب جمال حمدان صاحب شخصية مصر وملامح من عبقرية الزمان ❝ ⏤ د. عبد الحميد صالح حمدان

جمال حمدان، (12 شعبان 1346 هـ / 4 فبراير 1928م - 17 أبريل 1993م) أحد أعلام الجغرافيا المصريين. اسمه بالكامل جمال محمود صالح حمدان، ولد في قرية ناي بمحافظة القليوبية.

مع أن ما كتبه جمال حمدان قد نال بعد وفاته بعضا من الاهتمام الذي يستحقه، إلا أن المهتمين بفكر جمال حمدان صبوا جهدهم على شرح وتوضيح عبقريته الجغرافية، متجاهلين في ذلك ألمع ما في فكر حمدان، وهو قدرته على التفكير الاستراتيجي حيث لم تكن الجغرافيا لدية الا رؤية استراتيجية متكاملة للمقومات الكلية لكل تكوين جغرافي وبشرى وحضاري ورؤية للتكوينات وعوامل قوتها وضعفها، وهو لم يتوقف عند تحليل الأحداث الآنية أو الظواهر الجزئية، وإنما سعى إلى وضعها في سياق أعم وأشمل وذو بعد مستقبلي أيضا. ولذا فان جمال حمدان، عاني مثل أنداده من كبار المفكرين الاستراتيجيين في العالم، من عدم قدرة المجتمع المحيط بهم على استيعاب ما ينتجونه، إذ انه غالبا ما يكون رؤية سابقة لعصرها بسنوات، وهنا يصبح عنصر الزمن هو الفيصل للحكم على مدى عبقرية هؤلاء الاستراتيجيون.

وإذا ما طبقنا هذا المعيار الزمني على فكر جمال حمدان، نفاجأ بان هذا الاستراتيجي كان يمتلك قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل متسلحا في ذلك بفهم عميق لحقائق التاريخ ووعي متميز بوقائع الحاضر، ففي عقد الستينات، وبينما كان الاتحاد السوفيتي في أوج مجده، والزحف الشيوعي الأحمر يثبت أقدامها شمالا وجنوبا، أدرك جمال حمدان ببصيرته الثاقبة أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة، وكان ذلك في 1968م، فإذا الذي تنبأ به يتحقق بعد إحدى وعشرين سنة، وبالتحديد في عام 1989، حيث وقع الزلزال الذي هز أركان أوروبا الشرقية، وانتهى الأمر بانهيار أحجار الكتلة الشرقية، وتباعد دولها الأوروبية عن الاتحاد السوفيتي، ثم تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه عام 1991م.

فضحه أكاذيب اليهود
كان جمال حمدان صاحب السبق في فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، واثبت في كتابه "اليهود أنثروبولوجيا" الصادر في عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية "الخزر التترية" التي قامت بين "بحر قزوين" و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات "آرثر كوستلر" مؤلف كتاب القبيلة الثالثة عشرة الذي صدر عام 1976.

يعد جمال حمدان واحداً من قلة محدودة للغاية من المثقفين المسلمين الذين نجحوا في حل المعادلة الصعبة المتمثلة في توظيف أبحاثهم ودراساتهم من أجل خدمة قضايا الأمة، حيث خاض من خلال رؤية استراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة لتفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين.

إذا كان الباحث المصري الدكتور عبد الوهاب المسيري قد نجح من خلال جهد علمي ضخم في تفكيك الأسس الفكرية للصهيونية، فإن جمال حمدان كان سباقاً في هدم المقولات الإنثروبولوجية التي تعد أهم أسس المشروع الصهيوني، حيث أثبت أن إسرائيل - كدولة - ظاهرة استعمارية صرفة، قامت على اغتصاب غزاة أجانب لأرض لا علاقة لهم بها دينياً أو تاريخياً أو جنسياً، مشيراً إلى أن هناك "يهوديين" في التاريخ، قدامى ومحدثين، ليس بينهما أي صلة أنثروبولوجية، ذلك أن يهود "فلسطين التوراة" تعرضوا بعد الخروج لظاهرتين أساسيتين طوال 20 قرناً من الشتات في المهجر: خروج أعداد ضخمة منهم بالتحول إلى غير اليهودية، ودخول أفواج لا تقل ضخامة في اليهودية من كل أجناس المهجر، وأقترن هذا بتزاوج واختلاط دموي بعيد المدى، انتهى بالجسم الأساسي من اليهود المحدثين إلى أن يكونوا شيئاً مختلفاً كلية عن اليهود القدامى.

في وقت كان الصهاينة يروجون لأنفسهم كأصحاب مشروع حضاري ديمقراطي وسط محيط عربي إسلامي متخلف، لم تخدع تلك القشرة الديمقراطية الصهيونية المضللة عقلية لامعة كجمال حمدان، كما أنه لم يستسلم للأصوات العربية الزاعقة التي لا تجيد سوى الصراخ والعويل، واستطاع من خلال أدواته البحثية المحكمة ان يفضح حقيقة إسرائيل، مؤكدا "أن اليهودية ليست ولا يمكن أن تكون قومية بأي مفهوم سياسي سليم كما يعرف كل عالم سياسي، ورغم أن اليهود ليسوا عنصراً جنسياً في أي معنى، بل "متحف" حي لكل أخلاط الأجناس في العالم كما يدرك كل أنثروبولوجي، فإن فرضهم لأنفسهم كأمة مزعومة مدعية في دولة مصطنعة مقتطعة يجعل منهم ومن الصهيونية حركة عنصرية أساساً".

على الرغم من أن البعض استغرب مطالبة رئيس الوزراء الصهيوني أرييل شارون الفلسطينيين الاعتراف بـ "إسرائيل كدولة يهودية "، وهو الأمر الذي روج له الرئيس الأمريكي جورج بوش في قمة العقبة، فان جمال حمدان كشف قبل نحو ثلث قرن تلك الحقيقة الطائفية البحتة للمشروع الصهيوني، ووصف في كتابه " استراتيجية الاستعمار والتحرير " إسرائيل بأنها " دولة دينية صرفة، تقوم على تجميع اليهود، واليهود فقط، في جيتو سياسي واحد، ومن ثم فأساسها التعصب الديني ابتداء، وهي بذلك تمثل شذوذاً رجعياً في الفلسفة السياسية للقرن العشرين، وتعيد إلى الحياة حفريات العصور الوسطى بل القديمة ".

أدرك حمدان مبكرا من خلال تحليل متعمق للظروف التي أحاطت بقيام المشروع الصهيوني أن "الأمن" يمثل المشكلة المحورية لهذا الكيان اللقيط، واعتبر ان وجود إسرائيل رهن بالقوة العسكرية وبكونها ترسانة وقاعدة وثكنة مسلحة، مشيرا إلى أنها قامت ولن تبقى -وهذا تدركه جيداً- إلا بالدم والحديد والنار. ولذا فهي دولة عسكرية في صميم تنظيمها وحياتها، ولذا أصبح جيشها هو سكانها وسكانها هم جيشها.

حدد جمال حمدان الوظيفة التي من أجلها أوجد الاستعمار العالمي هذا الكيان اللقيط، بالاشتراك مع الصهيونية العالمية، وهي ان تصبح قاعدة متكاملة آمنة عسكرياً، ورأس جسر ثابت استراتيجياً، ووكيل عام اقتصادياً، أو عميل خاص احتكارياً، وهي في كل أولئك تمثل فاصلاً أرضياً يمزق اتصال المنطقة العربية ويخرب تجانسها ويمنع وحدتها وإسفنجة غير قابلة للتشبع تمتص كل طاقاتها ونزيفاً مزمناً في مواردها ".

إذا ما قلبنا في صفحات كتاب "جمال حمدان.. صفحات من أوراقه الخاصة"، نجد حالة نادرة من نفاذ البصيرة والقدرة الاستراتيجية على المستقبل، ففي الوقت الذي رأى البعض في إقرار قمة بروكسيل (13، 14 ديسمبر 2003) تشكيل قوة عسكرية أوروبية منفصلة عن حلف الأطلسى بداية لانهيار التحالف التاريخي بين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، نجد ان جمال حمدان قد تنبأ بهذا الانفصال منذ نحو 15 عاما، مشيرا إلى انه " بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وزواله، بدأ البحث عن عدو جديد، قيل: إنه الإسلام، نؤكد أن الإسلام خارج المعركة والحلبة، هو فقط كبش فداء مؤقت، أما العدو الحقيقي الفعال فسيظهر من بين صفوف المعسكر المنتصر بالغرب، وسيكون الصراع الرهيب بين أمريكا وأوروبا الغربية أو اليابان ". ويضيف في موضع آخر من الكتاب " " لقد بدأت الحـرب البـاردة بالفعل بين شـاطئ الأطلسي، بين أوروبا وأمريكا، لقد انتقلت الحرب الباردة من الشرق - الغرب، أو الشيوعية- الرأسمالية، إلى داخل الغرب نفسه، وداخل الرأسماليين القدامى خاصة بين فرنسا وألمانيا في جبهة، بريطانيا وأمريكا في الجبهة المضادة.

مؤلفاته
ترك جمال حمدان 39 كتاب و79 بحث ومقالة، أشهرها كتاب شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان، ومات ولم يتزوج.

مؤلفاته العربية التي نشرت باللغة العربية:

دراسات في العالم العربي، القاهرة، 1958
أنماط من البيئات، القاهرة، 1958
دراسة في جغرافيا المدن، القاهرة، 1958
المدينة العربية، القاهرة، 1964
بترول العرب، القاهرة، 1964
الاستعمار والتحرير في العالم العربي، القاهرة، 1964
اليهود أنثروبولوجيا، كتاب الهلال، 1967
شخصية مصر، كتاب الهلال، 1967

كتاب pdf تأليف ، يقول في مقدمة الكتاب " لماذا لم يخطر ببالي أبدا أنني سأكتب عن شقيقي جمال حمدان، وأنه لم يتطرق إلى ذهني أنني سأنعيه أو أرثيه في يوم من الأيام، فقد كان كالطود الشامخ الذي لا يتزعزع، والنهر المتدفق الذي لا ينضب معينه.

وكانت حياته كلها عبارة عن كفاح مستمر في سبيل العلم والتنوير بمعناهما الدقيق والعريض، ولم تشوبها شائبة الأطماع والتهافت، فقد كان ينأى عن الصغائر وعن الدعاية لنفسة، وعلمته ظروف الحياة أن يبتعد عن زخرفها وبهرجها، تاركا لأعماله أن تتحدث عنه
د. عبد الحميد صالح حمدان - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ جمال حمدان صاحب شخصية مصر وملامح من عبقرية الزمان ❝ ❞ إمام العلماء معاذ بن جبل ❝ ❞ علماء التجديد في الإسلام حتى القرن الحادي عشر للهجرة ❝ الناشرين : ❞ الدار المصرية اللبنانية ❝ ❱
من كتب السير و المذكرات التراجم والأعلام - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.

نبذة عن الكتاب:
جمال حمدان صاحب شخصية مصر وملامح من عبقرية الزمان

جمال حمدان، (12 شعبان 1346 هـ / 4 فبراير 1928م - 17 أبريل 1993م) أحد أعلام الجغرافيا المصريين. اسمه بالكامل جمال محمود صالح حمدان، ولد في قرية ناي بمحافظة القليوبية.

مع أن ما كتبه جمال حمدان قد نال بعد وفاته بعضا من الاهتمام الذي يستحقه، إلا أن المهتمين بفكر جمال حمدان صبوا جهدهم على شرح وتوضيح عبقريته الجغرافية، متجاهلين في ذلك ألمع ما في فكر حمدان، وهو قدرته على التفكير الاستراتيجي حيث لم تكن الجغرافيا لدية الا رؤية استراتيجية متكاملة للمقومات الكلية لكل تكوين جغرافي وبشرى وحضاري ورؤية للتكوينات وعوامل قوتها وضعفها، وهو لم يتوقف عند تحليل الأحداث الآنية أو الظواهر الجزئية، وإنما سعى إلى وضعها في سياق أعم وأشمل وذو بعد مستقبلي أيضا. ولذا فان جمال حمدان، عاني مثل أنداده من كبار المفكرين الاستراتيجيين في العالم، من عدم قدرة المجتمع المحيط بهم على استيعاب ما ينتجونه، إذ انه غالبا ما يكون رؤية سابقة لعصرها بسنوات، وهنا يصبح عنصر الزمن هو الفيصل للحكم على مدى عبقرية هؤلاء الاستراتيجيون.

وإذا ما طبقنا هذا المعيار الزمني على فكر جمال حمدان، نفاجأ بان هذا الاستراتيجي كان يمتلك قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل متسلحا في ذلك بفهم عميق لحقائق التاريخ ووعي متميز بوقائع الحاضر، ففي عقد الستينات، وبينما كان الاتحاد السوفيتي في أوج مجده، والزحف الشيوعي الأحمر يثبت أقدامها شمالا وجنوبا، أدرك جمال حمدان ببصيرته الثاقبة أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة، وكان ذلك في 1968م، فإذا الذي تنبأ به يتحقق بعد إحدى وعشرين سنة، وبالتحديد في عام 1989، حيث وقع الزلزال الذي هز أركان أوروبا الشرقية، وانتهى الأمر بانهيار أحجار الكتلة الشرقية، وتباعد دولها الأوروبية عن الاتحاد السوفيتي، ثم تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه عام 1991م.

فضحه أكاذيب اليهود
كان جمال حمدان صاحب السبق في فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، واثبت في كتابه "اليهود أنثروبولوجيا" الصادر في عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية "الخزر التترية" التي قامت بين "بحر قزوين" و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات "آرثر كوستلر" مؤلف كتاب القبيلة الثالثة عشرة الذي صدر عام 1976.

يعد جمال حمدان واحداً من قلة محدودة للغاية من المثقفين المسلمين الذين نجحوا في حل المعادلة الصعبة المتمثلة في توظيف أبحاثهم ودراساتهم من أجل خدمة قضايا الأمة، حيث خاض من خلال رؤية استراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة لتفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين.

إذا كان الباحث المصري الدكتور عبد الوهاب المسيري قد نجح من خلال جهد علمي ضخم في تفكيك الأسس الفكرية للصهيونية، فإن جمال حمدان كان سباقاً في هدم المقولات الإنثروبولوجية التي تعد أهم أسس المشروع الصهيوني، حيث أثبت أن إسرائيل - كدولة - ظاهرة استعمارية صرفة، قامت على اغتصاب غزاة أجانب لأرض لا علاقة لهم بها دينياً أو تاريخياً أو جنسياً، مشيراً إلى أن هناك "يهوديين" في التاريخ، قدامى ومحدثين، ليس بينهما أي صلة أنثروبولوجية، ذلك أن يهود "فلسطين التوراة" تعرضوا بعد الخروج لظاهرتين أساسيتين طوال 20 قرناً من الشتات في المهجر: خروج أعداد ضخمة منهم بالتحول إلى غير اليهودية، ودخول أفواج لا تقل ضخامة في اليهودية من كل أجناس المهجر، وأقترن هذا بتزاوج واختلاط دموي بعيد المدى، انتهى بالجسم الأساسي من اليهود المحدثين إلى أن يكونوا شيئاً مختلفاً كلية عن اليهود القدامى.

في وقت كان الصهاينة يروجون لأنفسهم كأصحاب مشروع حضاري ديمقراطي وسط محيط عربي إسلامي متخلف، لم تخدع تلك القشرة الديمقراطية الصهيونية المضللة عقلية لامعة كجمال حمدان، كما أنه لم يستسلم للأصوات العربية الزاعقة التي لا تجيد سوى الصراخ والعويل، واستطاع من خلال أدواته البحثية المحكمة ان يفضح حقيقة إسرائيل، مؤكدا "أن اليهودية ليست ولا يمكن أن تكون قومية بأي مفهوم سياسي سليم كما يعرف كل عالم سياسي، ورغم أن اليهود ليسوا عنصراً جنسياً في أي معنى، بل "متحف" حي لكل أخلاط الأجناس في العالم كما يدرك كل أنثروبولوجي، فإن فرضهم لأنفسهم كأمة مزعومة مدعية في دولة مصطنعة مقتطعة يجعل منهم ومن الصهيونية حركة عنصرية أساساً".

على الرغم من أن البعض استغرب مطالبة رئيس الوزراء الصهيوني أرييل شارون الفلسطينيين الاعتراف بـ "إسرائيل كدولة يهودية "، وهو الأمر الذي روج له الرئيس الأمريكي جورج بوش في قمة العقبة، فان جمال حمدان كشف قبل نحو ثلث قرن تلك الحقيقة الطائفية البحتة للمشروع الصهيوني، ووصف في كتابه " استراتيجية الاستعمار والتحرير " إسرائيل بأنها " دولة دينية صرفة، تقوم على تجميع اليهود، واليهود فقط، في جيتو سياسي واحد، ومن ثم فأساسها التعصب الديني ابتداء، وهي بذلك تمثل شذوذاً رجعياً في الفلسفة السياسية للقرن العشرين، وتعيد إلى الحياة حفريات العصور الوسطى بل القديمة ".

أدرك حمدان مبكرا من خلال تحليل متعمق للظروف التي أحاطت بقيام المشروع الصهيوني أن "الأمن" يمثل المشكلة المحورية لهذا الكيان اللقيط، واعتبر ان وجود إسرائيل رهن بالقوة العسكرية وبكونها ترسانة وقاعدة وثكنة مسلحة، مشيرا إلى أنها قامت ولن تبقى -وهذا تدركه جيداً- إلا بالدم والحديد والنار. ولذا فهي دولة عسكرية في صميم تنظيمها وحياتها، ولذا أصبح جيشها هو سكانها وسكانها هم جيشها.

حدد جمال حمدان الوظيفة التي من أجلها أوجد الاستعمار العالمي هذا الكيان اللقيط، بالاشتراك مع الصهيونية العالمية، وهي ان تصبح قاعدة متكاملة آمنة عسكرياً، ورأس جسر ثابت استراتيجياً، ووكيل عام اقتصادياً، أو عميل خاص احتكارياً، وهي في كل أولئك تمثل فاصلاً أرضياً يمزق اتصال المنطقة العربية ويخرب تجانسها ويمنع وحدتها وإسفنجة غير قابلة للتشبع تمتص كل طاقاتها ونزيفاً مزمناً في مواردها ".

إذا ما قلبنا في صفحات كتاب "جمال حمدان.. صفحات من أوراقه الخاصة"، نجد حالة نادرة من نفاذ البصيرة والقدرة الاستراتيجية على المستقبل، ففي الوقت الذي رأى البعض في إقرار قمة بروكسيل (13، 14 ديسمبر 2003) تشكيل قوة عسكرية أوروبية منفصلة عن حلف الأطلسى بداية لانهيار التحالف التاريخي بين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، نجد ان جمال حمدان قد تنبأ بهذا الانفصال منذ نحو 15 عاما، مشيرا إلى انه " بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وزواله، بدأ البحث عن عدو جديد، قيل: إنه الإسلام، نؤكد أن الإسلام خارج المعركة والحلبة، هو فقط كبش فداء مؤقت، أما العدو الحقيقي الفعال فسيظهر من بين صفوف المعسكر المنتصر بالغرب، وسيكون الصراع الرهيب بين أمريكا وأوروبا الغربية أو اليابان ". ويضيف في موضع آخر من الكتاب " " لقد بدأت الحـرب البـاردة بالفعل بين شـاطئ الأطلسي، بين أوروبا وأمريكا، لقد انتقلت الحرب الباردة من الشرق - الغرب، أو الشيوعية- الرأسمالية، إلى داخل الغرب نفسه، وداخل الرأسماليين القدامى خاصة بين فرنسا وألمانيا في جبهة، بريطانيا وأمريكا في الجبهة المضادة.

مؤلفاته
ترك جمال حمدان 39 كتاب و79 بحث ومقالة، أشهرها كتاب شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان، ومات ولم يتزوج.

مؤلفاته العربية التي نشرت باللغة العربية:

دراسات في العالم العربي، القاهرة، 1958
أنماط من البيئات، القاهرة، 1958
دراسة في جغرافيا المدن، القاهرة، 1958
المدينة العربية، القاهرة، 1964
بترول العرب، القاهرة، 1964
الاستعمار والتحرير في العالم العربي، القاهرة، 1964
اليهود أنثروبولوجيا، كتاب الهلال، 1967
شخصية مصر، كتاب الهلال، 1967

كتاب pdf تأليف ، يقول في مقدمة الكتاب " لماذا لم يخطر ببالي أبدا أنني سأكتب عن شقيقي جمال حمدان، وأنه لم يتطرق إلى ذهني أنني سأنعيه أو أرثيه في يوم من الأيام، فقد كان كالطود الشامخ الذي لا يتزعزع، والنهر المتدفق الذي لا ينضب معينه.

وكانت حياته كلها عبارة عن كفاح مستمر في سبيل العلم والتنوير بمعناهما الدقيق والعريض، ولم تشوبها شائبة الأطماع والتهافت، فقد كان ينأى عن الصغائر وعن الدعاية لنفسة، وعلمته ظروف الحياة أن يبتعد عن زخرفها وبهرجها، تاركا لأعماله أن تتحدث عنه .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

جمال حمدان، (12 شعبان 1346 هـ / 4 فبراير 1928م - 17 أبريل 1993م) أحد أعلام الجغرافيا المصريين. اسمه بالكامل جمال محمود صالح حمدان، ولد في قرية ناي بمحافظة القليوبية.

مع أن ما كتبه جمال حمدان قد نال بعد وفاته بعضا من الاهتمام الذي يستحقه، إلا أن المهتمين بفكر جمال حمدان صبوا جهدهم على شرح وتوضيح عبقريته الجغرافية، متجاهلين في ذلك ألمع ما في فكر حمدان، وهو قدرته على التفكير الاستراتيجي حيث لم تكن الجغرافيا لدية الا رؤية استراتيجية متكاملة للمقومات الكلية لكل تكوين جغرافي وبشرى وحضاري ورؤية للتكوينات وعوامل قوتها وضعفها، وهو لم يتوقف عند تحليل الأحداث الآنية أو الظواهر الجزئية، وإنما سعى إلى وضعها في سياق أعم وأشمل وذو بعد مستقبلي أيضا. ولذا فان جمال حمدان، عاني مثل أنداده من كبار المفكرين الاستراتيجيين في العالم، من عدم قدرة المجتمع المحيط بهم على استيعاب ما ينتجونه، إذ انه غالبا ما يكون رؤية سابقة لعصرها بسنوات، وهنا يصبح عنصر الزمن هو الفيصل للحكم على مدى عبقرية هؤلاء الاستراتيجيون.

وإذا ما طبقنا هذا المعيار الزمني على فكر جمال حمدان، نفاجأ بان هذا الاستراتيجي كان يمتلك قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل متسلحا في ذلك بفهم عميق لحقائق التاريخ ووعي متميز بوقائع الحاضر، ففي عقد الستينات، وبينما كان الاتحاد السوفيتي في أوج مجده، والزحف الشيوعي الأحمر يثبت أقدامها شمالا وجنوبا، أدرك جمال حمدان ببصيرته الثاقبة أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة، وكان ذلك في 1968م، فإذا الذي تنبأ به يتحقق بعد إحدى وعشرين سنة، وبالتحديد في عام 1989، حيث وقع الزلزال الذي هز أركان أوروبا الشرقية، وانتهى الأمر بانهيار أحجار الكتلة الشرقية، وتباعد دولها الأوروبية عن الاتحاد السوفيتي، ثم تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه عام 1991م.

فضحه أكاذيب اليهود
كان جمال حمدان صاحب السبق في فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، واثبت في كتابه "اليهود أنثروبولوجيا" الصادر في عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية "الخزر التترية" التي قامت بين "بحر قزوين" و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات "آرثر كوستلر" مؤلف كتاب القبيلة الثالثة عشرة الذي صدر عام 1976.

يعد جمال حمدان واحداً من قلة محدودة للغاية من المثقفين المسلمين الذين نجحوا في حل المعادلة الصعبة المتمثلة في توظيف أبحاثهم ودراساتهم من أجل خدمة قضايا الأمة، حيث خاض من خلال رؤية استراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة لتفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين.

إذا كان الباحث المصري الدكتور عبد الوهاب المسيري قد نجح من خلال جهد علمي ضخم في تفكيك الأسس الفكرية للصهيونية، فإن جمال حمدان كان سباقاً في هدم المقولات الإنثروبولوجية التي تعد أهم أسس المشروع الصهيوني، حيث أثبت أن إسرائيل - كدولة - ظاهرة استعمارية صرفة، قامت على اغتصاب غزاة أجانب لأرض لا علاقة لهم بها دينياً أو تاريخياً أو جنسياً، مشيراً إلى أن هناك "يهوديين" في التاريخ، قدامى ومحدثين، ليس بينهما أي صلة أنثروبولوجية، ذلك أن يهود "فلسطين التوراة" تعرضوا بعد الخروج لظاهرتين أساسيتين طوال 20 قرناً من الشتات في المهجر: خروج أعداد ضخمة منهم بالتحول إلى غير اليهودية، ودخول أفواج لا تقل ضخامة في اليهودية من كل أجناس المهجر، وأقترن هذا بتزاوج واختلاط دموي بعيد المدى، انتهى بالجسم الأساسي من اليهود المحدثين إلى أن يكونوا شيئاً مختلفاً كلية عن اليهود القدامى.

في وقت كان الصهاينة يروجون لأنفسهم كأصحاب مشروع حضاري ديمقراطي وسط محيط عربي إسلامي متخلف، لم تخدع تلك القشرة الديمقراطية الصهيونية المضللة عقلية لامعة كجمال حمدان، كما أنه لم يستسلم للأصوات العربية الزاعقة التي لا تجيد سوى الصراخ والعويل، واستطاع من خلال أدواته البحثية المحكمة ان يفضح حقيقة إسرائيل، مؤكدا "أن اليهودية ليست ولا يمكن أن تكون قومية بأي مفهوم سياسي سليم كما يعرف كل عالم سياسي، ورغم أن اليهود ليسوا عنصراً جنسياً في أي معنى، بل "متحف" حي لكل أخلاط الأجناس في العالم كما يدرك كل أنثروبولوجي، فإن فرضهم لأنفسهم كأمة مزعومة مدعية في دولة مصطنعة مقتطعة يجعل منهم ومن الصهيونية حركة عنصرية أساساً".

على الرغم من أن البعض استغرب مطالبة رئيس الوزراء الصهيوني أرييل شارون الفلسطينيين الاعتراف بـ "إسرائيل كدولة يهودية "، وهو الأمر الذي روج له الرئيس الأمريكي جورج بوش في قمة العقبة، فان جمال حمدان كشف قبل نحو ثلث قرن تلك الحقيقة الطائفية البحتة للمشروع الصهيوني، ووصف في كتابه " استراتيجية الاستعمار والتحرير " إسرائيل بأنها " دولة دينية صرفة، تقوم على تجميع اليهود، واليهود فقط، في جيتو سياسي واحد، ومن ثم فأساسها التعصب الديني ابتداء، وهي بذلك تمثل شذوذاً رجعياً في الفلسفة السياسية للقرن العشرين، وتعيد إلى الحياة حفريات العصور الوسطى بل القديمة ".

أدرك حمدان مبكرا من خلال تحليل متعمق للظروف التي أحاطت بقيام المشروع الصهيوني أن "الأمن" يمثل المشكلة المحورية لهذا الكيان اللقيط، واعتبر ان وجود إسرائيل رهن بالقوة العسكرية وبكونها ترسانة وقاعدة وثكنة مسلحة، مشيرا إلى أنها قامت ولن تبقى -وهذا تدركه جيداً- إلا بالدم والحديد والنار. ولذا فهي دولة عسكرية في صميم تنظيمها وحياتها، ولذا أصبح جيشها هو سكانها وسكانها هم جيشها.

حدد جمال حمدان الوظيفة التي من أجلها أوجد الاستعمار العالمي هذا الكيان اللقيط، بالاشتراك مع الصهيونية العالمية، وهي ان تصبح قاعدة متكاملة آمنة عسكرياً، ورأس جسر ثابت استراتيجياً، ووكيل عام اقتصادياً، أو عميل خاص احتكارياً، وهي في كل أولئك تمثل فاصلاً أرضياً يمزق اتصال المنطقة العربية ويخرب تجانسها ويمنع وحدتها وإسفنجة غير قابلة للتشبع تمتص كل طاقاتها ونزيفاً مزمناً في مواردها ".

إذا ما قلبنا في صفحات كتاب "جمال حمدان.. صفحات من أوراقه الخاصة"، نجد حالة نادرة من نفاذ البصيرة والقدرة الاستراتيجية على المستقبل، ففي الوقت الذي رأى البعض في إقرار قمة بروكسيل (13، 14 ديسمبر 2003) تشكيل قوة عسكرية أوروبية منفصلة عن حلف الأطلسى بداية لانهيار التحالف التاريخي بين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، نجد ان جمال حمدان قد تنبأ بهذا الانفصال منذ نحو 15 عاما، مشيرا إلى انه " بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وزواله، بدأ البحث عن عدو جديد، قيل: إنه الإسلام، نؤكد أن الإسلام خارج المعركة والحلبة، هو فقط كبش فداء مؤقت، أما العدو الحقيقي الفعال فسيظهر من بين صفوف المعسكر المنتصر بالغرب، وسيكون الصراع الرهيب بين أمريكا وأوروبا الغربية أو اليابان ". ويضيف في موضع آخر من الكتاب " " لقد بدأت الحـرب البـاردة بالفعل بين شـاطئ الأطلسي، بين أوروبا وأمريكا، لقد انتقلت الحرب الباردة من الشرق - الغرب، أو الشيوعية- الرأسمالية، إلى داخل الغرب نفسه، وداخل الرأسماليين القدامى خاصة بين فرنسا وألمانيا في جبهة، بريطانيا وأمريكا في الجبهة المضادة.

مؤلفاته
ترك جمال حمدان 39 كتاب و79 بحث ومقالة، أشهرها كتاب شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان، ومات ولم يتزوج.

مؤلفاته العربية التي نشرت باللغة العربية:

دراسات في العالم العربي، القاهرة، 1958
أنماط من البيئات، القاهرة، 1958
دراسة في جغرافيا المدن، القاهرة، 1958
المدينة العربية، القاهرة، 1964
بترول العرب، القاهرة، 1964
الاستعمار والتحرير في العالم العربي، القاهرة، 1964
اليهود أنثروبولوجيا، كتاب الهلال، 1967
شخصية مصر، كتاب الهلال، 1967

 كتاب pdf تأليف ، يقول في مقدمة الكتاب " لماذا لم يخطر ببالي أبدا أنني سأكتب عن شقيقي جمال حمدان، وأنه لم يتطرق إلى ذهني أنني سأنعيه أو أرثيه في يوم من الأيام، فقد كان كالطود الشامخ الذي لا يتزعزع، والنهر المتدفق الذي لا ينضب معينه.

وكانت حياته كلها عبارة عن كفاح مستمر في سبيل العلم والتنوير بمعناهما الدقيق والعريض، ولم تشوبها شائبة الأطماع والتهافت، فقد كان ينأى عن الصغائر وعن الدعاية لنفسة، وعلمته ظروف الحياة أن يبتعد عن زخرفها وبهرجها، تاركا لأعماله أن تتحدث عنه 



حجم الكتاب عند التحميل : 3.7 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة جمال حمدان صاحب شخصية مصر وملامح من عبقرية الزمان

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل جمال حمدان صاحب شخصية مصر وملامح من عبقرية الزمان
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
د. عبد الحميد صالح حمدان - D. ABD ALHMID SALH HMDAN

كتب د. عبد الحميد صالح حمدان ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ جمال حمدان صاحب شخصية مصر وملامح من عبقرية الزمان ❝ ❞ إمام العلماء معاذ بن جبل ❝ ❞ علماء التجديد في الإسلام حتى القرن الحادي عشر للهجرة ❝ الناشرين : ❞ الدار المصرية اللبنانية ❝ ❱. المزيد..

كتب د. عبد الحميد صالح حمدان