❞ كتاب إعترافات هنري ميللر فى الثمانين ❝  ⏤ كريستيان دى بارتيا

❞ كتاب إعترافات هنري ميللر فى الثمانين ❝ ⏤ كريستيان دى بارتيا

هنري ميلر (بالإنجليزية: Henry Valentine Miller)‏ ولد (26 ديسمبر 1891-7يوليو 1980)،هو روائى ورسام أمريكي.عرف عنه عدم رضاه عن الاتجاه الأدبي العام في الأدب الأمريكى.وبدأ تطوير- بالطبع كلمة تطوير ليست دقيقة - نوع جديد من الرواية والتي هي عبارة عن خليط من القصة والسيرة الذاتية والنقد الاجتماعي والنظرة الفلسفية والتصوف، يجمع هنري بين نقيضين فهو يمتلك القدرة على التعبير الواقعي ثم لاتعدم وجود أفكار خيالية في أدبه. توفي ميلر في منزله في 7 حزيران 1980 عن عمر يناهز الـ88 إثر مشاكل في الدورة الدموية. تم حرق جثته وتقسيم رماده بين ابنه توني وابنته فال. وقد صرح توني أنه ينوي في نهاية المطاف أن يكون رماده مختلطاً مع رماد والده وأن ينثر في بيغ سور.

أكثر أعماله تميزاً هي مدار السرطان هنرى ميللر، مدار الجدى هنرى ميللر، والربيع الأسود.كتب ميللر أيضا عن اسفاره، ومقالات في النقد والتحليل الأدبي.


هذا الكتاب هو حوار مطول يجريه الكاتب “كريستيان دي بارتيا” مع ميللر ، ليخوض في العديد من الموضوعات ، ويلقي الضوء على أبعاد كثيرة من حياته وكتاباته ، هو حوار ثری مع شيخ لا يزال يعتصر من الحياة كل لذاتها ، ولا يبدو عليه الندم علی الإطلاق.
هذا الكتاب يعد استكمالا لأعماله التي خلفها قبل أن يغادر الدنيا. التي هي جميعها بمثابة دعوة إلى الحياة


- دى پارتيا : قلت أيضا في هذا السياق التفاؤلی : لو يسألونني من هو هنری میللر ، فأسجيبهم : إنه " طبيب نفسي " ، إنك الرجل الذي يعمل على إخلاء المصحات العقلية من مرضاها ، وبالتالي فإن رسالتك نبيلة جدا باختصار ، رسالتك علاجية ، إنه العلاج الميللری.
- ميللر : أتلقى مئات الرسائل ، وهي لعلمك تبتديء دائما بنفس الأسلوب وعلى النحو التالي: لم أكتب أبدأ إلى أي مؤلف وإنك أول كاتب أراسله ، وإني لأشكرك لأنك أنقذت حياتي ، لقد كنت مثيرا للشفقة ومكبوتا قبل أن أقرأك إلخ ...
- دي بارتيا : إنك راهب ، وشاعر وفنان طبيب، ألم يكن نيتشه نفسه يقول بأن للفن خاصة علاجية
- ميللر : أعتقد في هذا إعتقادا جازما
- دي بارتيا : قلت ذات مرة أنه يجب أن نخضع عالم الفانتازم، فهل أخضعته أنت الآن ؟
- ميللر : أجل ، أعتقد ذلك .
- دی بارتيا : ولهذا حصلت على السلام الداخلى .
- ميللر : تماما.
- دي بارتبا: الخلاصة أن حياة الإنسان في عمقها تتمثل في إخضاع فانتازماته ؟
- ميللر : وفي أن يتحرر من مخاوفه. لاتزال لدي اليوم مشاكل ولكن ليس لى مخاوف ، وليس لي كذلك مكابدات كثيرة .

- دي بارتيا : هل لكل إنسان ملاك في داخله ؟
ميللر : طبعا لا، ومن المؤكد أننا نستطيع أن نكون إما عباقرة وإما شخصيات دينية، إننا نتكلم دائما عن إمكانات الإنسان حتى أني قلت إن كل إنسان هو في آخر المطاف عبقري ، ولكن هذا غير صحيح الآن أدرك أن ذلك الكلام كان مجرد حلم وكنت أتمنى لو كان حقيقة ولكنه غير صحيح، بل أرى بشرا عديدين يولدون أبالسة وحوشا، وأننا لا نستطيع مساعدتهم بشيء سوى وضعهم في المستشفيات العقلية ولكن من المستحيل التخلص من شياطيننا، من اضطراباتنا في هذا العالم، إذن ليس مجديا الصراع لتنقية جانبنا هذا، ولهذا السبب لا أكترت بالمثالية، وأنا لست مثاليا وأعتقد أنه شئ مقيت أن يكون الإنسان مثاليا إذ يقودنا هذا إلى إتجاهات خاطئة.


في الحوار يقول “ميللر” عن رسالته التي توزعت في كتاباته: " إن مغامرة الإنسان الوحيدة هي الذهاب نحو الذات وحل مشكلة العالم الحديث تتمثل في أن يمضي كل إنسان إلى ذاته، رسالتي في صميمها تتمثل في أن يحقق الإنسان الكون داخل ذاته، وهذا ليس ممكنا لكل إنسان. يجب أن نكف عن إجبار أنفسنا لأن نصير شيئا آخر، كن أنت نفسك، حياة الإنسان في عمقها تتمثل في أن يتخلص من مخاوفه، لكل منا دربه الخاص ،وإنه ليس ثمة مخلص للبشرية، إذ أن كل واحدا منا هو مخلص نفسه، ولن يأتي المخلصون على الإطلاق...
لطالما كان شعاري: "امرح دائمًا وتألق" الخطأ ليس في الحياة بحد ذاتها، فالحياة مجرد محيط نسبح فيه، وعلينا أن نتكيّف معه أو نغرق إلى الأسفل. لكن السؤال هو: هل بإمكاننا كبشر ألا نلوث مياه الحياة، وألا نحطّم الروح التي تسكن داخلنا؟"
في الثمانين” يقول: في هذا العمر، فقدتُ الكثير من أوهامي، لكنني لحسن الحظ لم أفقد فضولي الجامح. الفضول لمعرفة أي شيء وكل شيء هو ما صنع مني كاتبًا. الفضول الذي لم يتخلّ عني أبدًا. إلى جانب هذه الخصلة، أدين بالفضل لخصلة أخرى، أضعها فوق كل اعتبار، وهي حاسة الدهشة. لا تهمني قيود حياتي كلها، لكنني لا أستطيع أن أتخيل، أن تتركني الحياة فارغًا من الدهشة. أسمّيها إلى حد ما: ديني. أنا لا أتساءل أبدًا عن هذا الوجود الذي نسبح فيه، كيف جاء وخُلق. أنا أستمتع به وأقدّره فحسب“.

لعلّ مصدر الراحة الأكبر في الشيخوخة هو قدرتنا المتزايدة على عدم أخذ الأشياء بجدية مبالغة. إن أحد أكبر الاختلافات بين الحكيم الحقيقي والواعظ هو: المرح. حين يضحك الحكيم، يضحك من قلبه، وحين يضحك الواعظ – إن حدث ذلك - فهي ضحكة وجه لا أكثر. كلما تقدم بي العمر، أفكاري المثالية التي طالما أنكرتها تتغير. أفكاري المثالية في أن أكون متحرراً من كل المثاليات، متحرراً من المبادئ، متحرراً من المذاهب والآيديولوجيات. أريد أن أمضي في محيط الحياة كما تمضي السمكة في البحر.
لم أعد أبذل جهدي لأقنع الناس بوجهة نظري عن الأشياء، ولا لمعالجتها. لم أعد أيضاً أشعر بالفوقية لأنهم يفتقدون الذكاء، كما كان يبدو لي. يمكننا أن نحارب الشر، لكننا أمام الغباء لا نستطيع فعل شيء. لقد تقبّلت الحقيقة كما هي، ومهما كانت قاسية.

وأكد ميللر في حديثه أن البشر لا يتغيرون بشدة كما نعقتد "شيء واحد أراه يتضح أمامي يومًا بعد يوم: شخصيات الناس الأصلية لا تتغير مع الأيام. النجاح يطوّر شخصياتهم، نعم، لكنه يُبرِز أخطاءهم وعيوبهم أيضًا. التلاميذ الأذكياء في المدرسة لا يبدون بالذكاء نفسه الذي كانوا عليه حين يخرجون لمواجهة العالم. الفتيان الذين كنت تزدريهم وتمقتهم في المدرسة، ستكرههم أكثر حين يصبحون مموّلين ورجال دولة وضباط بخمسة نجوم. الحياة تعلّمنا القليل من الدروس، لكنها لا تعلمنا كيف نكبر.

إننا مذنبون بجريمة من أكبر الجرائم لأننا لا نعيش حياتنا كاملة . إن القدرات التي في داخلنا قد لا يستطيع أحد أن يجرؤ على تخيلها إنها لا نهائية ، وذات يوم سوف ندرك ونعترف لأنفسنا أن التخيل هو كل شيء و التخيل هو صوت الجرأة"


هكذا تحدث هنري ميللر في عن عبثية الحياة، وآماله وطموحه الذي طالما راوده، تكلم أكثر باعتباره مسنًا ينقل وجهة نظره في دنيا عاث فيها تجولًا، وأوضح رؤيته للحياة بعد أن قارب على مغادرتها.


" لنعد إلى الإنسانية، إلى الإنسانية العادية، ولتذهب إلى الجحيم نظاراتكم ومجاهركم وتلسكوباتكم وتفاوتاتكم القومية والدينية وتعطشاتكم للسلطة ومطامحكم المبهمة... ضعوا كل الأمور في حسبانكم ولكن دون أن تفقدوا أبدا حس الفكاهة. فالحياة ليس فيها أمر أبدي الجدية. وفيها كل الفكاهة والمأساة معا. فأنت الممثل والقطعة التمثيلية معا. وأنت كل ماهو موجود لاأكثر ولا أقل... إذا استهدفنا تغيير العالم أو جعله متحركا فأيّ طريقة أفضل من التلويح بالمرآة لنشاهد فيها ذواتنا على حقيقتها بحيث نستطيع الضحك من ذواتنا ومن قضايانا. إن الفكاهة التي تضع النقاط على الحروف هي أجدى من سيف الساموراي، ولو قيض لهتلر رجل يضحكه ربما أنقذ الملايين من الحيوات."

عرف الطفل هنری مكابدة الفقر وقسوته ، فتخلى عن المدرسة ، ولم يستطع البقاء فيها ، خرج إلى الشارع والأرصفة ، وبعد ذلك التحق بالعمل في شركة أسمنت ، ثم التحق بجامعة كورنيله التي لم يمض فيها أيضا سوى فترة قصيرة ، ثم ترك نيويورك إلى كاليفورنيا وعمل في إحدى المزارع ، ومنها إلى آریزونا حيث انضم إلى إحدى الجماعات الفوضوية هناك ، التي أثرت كثيرا على حسه الفردي ، وفتحت أمامه عوالم نيتشه وستریتدینج وغيرهما ، ثم عاد بعد ذلك إلى أسرته مرة أخرى ، حيث عمل خياطا مع والده ، وبعدها عمل في مهن كتيرة مثل : بارمان، غاسل أطباق ، عامل نظافة ،ملاكم ، عازف بيانو . وحتی حفار قبور
تسيطر على ميللر الرغبة في العودة إلى عالم الطفولة ، ذلك العالم المتمرد ، الذي لا ينصاع لقواعد المجتمع ، لأنه لا يعرفها ، ولا يمكن أن يحترم شيئا مجهولا لديه ، إن الطفل هو التعبير الأمثل للإنسان الطبيعي بكل رغباته غير المكبوتة ، فهو يفعل ما يريد ، لا ما يريده الآخرون . ومع ذلك فإنه يمكن أن نتصور أن ميللر كان يحاول توظيف طفولته من أجل إعادة صياغة حاضره باستخدام اللغة الصبيانية ، ولاشك في أن دخول هذا الطفل إلى عالم العمل مبكرا في حياته ، جعله يحيا في عزلة طوعية عن عالمه الحقيقي ، لقد ولد في مجتمع تحكمه نظرية المنفعة ، واستدعاء الطفولة هي محاولة للتمرد على هذا المجتمع.



كتاب "اعترافات هنرى ميللر" يتكلم عن لقاء بين "كريستيان دى بارتيا" و "هنرى ميللر" ، وفيه يجرى حوار ينقسم لثلاثة أجزاء: الجزء الأول عن طفولة هنرى ميللر ، والجزء الثانى عن الكتب التى كتبها وما وراءها من تداعيات وعوامل نفسية ، أما الجزء الثالث فيتحدث عن رسالة ميللر فى كتاباته.
يبدو الكتاب وكأنه سيرة ذاتية عن حياة وأعمال "هنرى ميللر" ، فهذا الكتاب يفتح الباب لدراسة ومناقشة أعمال الروائى الأمريكى الذى شغل العالم بفكره الجرئ ، واختلف الناس فى شخصيته فاعتبره البعض قديساً ، ورأى فيه البعض الآخر نموذجاً للشيطان فى أبشع صوره ، فالكتاب يتناول الكثير من آراء ميللر ، ويلقى الضوء على أبعاد كثيرة من حياته وكتاباته فى صورة حوار بين "كريستيان دى بارتيا" و "هنرى ميللر"
كريستيان دى بارتيا - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ إعترافات هنري ميللر فى الثمانين ❝ ❱
من كتب السير و المذكرات التراجم والأعلام - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.

نبذة عن الكتاب:
إعترافات هنري ميللر فى الثمانين

هنري ميلر (بالإنجليزية: Henry Valentine Miller)‏ ولد (26 ديسمبر 1891-7يوليو 1980)،هو روائى ورسام أمريكي.عرف عنه عدم رضاه عن الاتجاه الأدبي العام في الأدب الأمريكى.وبدأ تطوير- بالطبع كلمة تطوير ليست دقيقة - نوع جديد من الرواية والتي هي عبارة عن خليط من القصة والسيرة الذاتية والنقد الاجتماعي والنظرة الفلسفية والتصوف، يجمع هنري بين نقيضين فهو يمتلك القدرة على التعبير الواقعي ثم لاتعدم وجود أفكار خيالية في أدبه. توفي ميلر في منزله في 7 حزيران 1980 عن عمر يناهز الـ88 إثر مشاكل في الدورة الدموية. تم حرق جثته وتقسيم رماده بين ابنه توني وابنته فال. وقد صرح توني أنه ينوي في نهاية المطاف أن يكون رماده مختلطاً مع رماد والده وأن ينثر في بيغ سور.

أكثر أعماله تميزاً هي مدار السرطان هنرى ميللر، مدار الجدى هنرى ميللر، والربيع الأسود.كتب ميللر أيضا عن اسفاره، ومقالات في النقد والتحليل الأدبي.


هذا الكتاب هو حوار مطول يجريه الكاتب “كريستيان دي بارتيا” مع ميللر ، ليخوض في العديد من الموضوعات ، ويلقي الضوء على أبعاد كثيرة من حياته وكتاباته ، هو حوار ثری مع شيخ لا يزال يعتصر من الحياة كل لذاتها ، ولا يبدو عليه الندم علی الإطلاق.
هذا الكتاب يعد استكمالا لأعماله التي خلفها قبل أن يغادر الدنيا. التي هي جميعها بمثابة دعوة إلى الحياة


- دى پارتيا : قلت أيضا في هذا السياق التفاؤلی : لو يسألونني من هو هنری میللر ، فأسجيبهم : إنه " طبيب نفسي " ، إنك الرجل الذي يعمل على إخلاء المصحات العقلية من مرضاها ، وبالتالي فإن رسالتك نبيلة جدا باختصار ، رسالتك علاجية ، إنه العلاج الميللری.
- ميللر : أتلقى مئات الرسائل ، وهي لعلمك تبتديء دائما بنفس الأسلوب وعلى النحو التالي: لم أكتب أبدأ إلى أي مؤلف وإنك أول كاتب أراسله ، وإني لأشكرك لأنك أنقذت حياتي ، لقد كنت مثيرا للشفقة ومكبوتا قبل أن أقرأك إلخ ...
- دي بارتيا : إنك راهب ، وشاعر وفنان طبيب، ألم يكن نيتشه نفسه يقول بأن للفن خاصة علاجية
- ميللر : أعتقد في هذا إعتقادا جازما
- دي بارتيا : قلت ذات مرة أنه يجب أن نخضع عالم الفانتازم، فهل أخضعته أنت الآن ؟
- ميللر : أجل ، أعتقد ذلك .
- دی بارتيا : ولهذا حصلت على السلام الداخلى .
- ميللر : تماما.
- دي بارتبا: الخلاصة أن حياة الإنسان في عمقها تتمثل في إخضاع فانتازماته ؟
- ميللر : وفي أن يتحرر من مخاوفه. لاتزال لدي اليوم مشاكل ولكن ليس لى مخاوف ، وليس لي كذلك مكابدات كثيرة .

- دي بارتيا : هل لكل إنسان ملاك في داخله ؟
ميللر : طبعا لا، ومن المؤكد أننا نستطيع أن نكون إما عباقرة وإما شخصيات دينية، إننا نتكلم دائما عن إمكانات الإنسان حتى أني قلت إن كل إنسان هو في آخر المطاف عبقري ، ولكن هذا غير صحيح الآن أدرك أن ذلك الكلام كان مجرد حلم وكنت أتمنى لو كان حقيقة ولكنه غير صحيح، بل أرى بشرا عديدين يولدون أبالسة وحوشا، وأننا لا نستطيع مساعدتهم بشيء سوى وضعهم في المستشفيات العقلية ولكن من المستحيل التخلص من شياطيننا، من اضطراباتنا في هذا العالم، إذن ليس مجديا الصراع لتنقية جانبنا هذا، ولهذا السبب لا أكترت بالمثالية، وأنا لست مثاليا وأعتقد أنه شئ مقيت أن يكون الإنسان مثاليا إذ يقودنا هذا إلى إتجاهات خاطئة.


في الحوار يقول “ميللر” عن رسالته التي توزعت في كتاباته: " إن مغامرة الإنسان الوحيدة هي الذهاب نحو الذات وحل مشكلة العالم الحديث تتمثل في أن يمضي كل إنسان إلى ذاته، رسالتي في صميمها تتمثل في أن يحقق الإنسان الكون داخل ذاته، وهذا ليس ممكنا لكل إنسان. يجب أن نكف عن إجبار أنفسنا لأن نصير شيئا آخر، كن أنت نفسك، حياة الإنسان في عمقها تتمثل في أن يتخلص من مخاوفه، لكل منا دربه الخاص ،وإنه ليس ثمة مخلص للبشرية، إذ أن كل واحدا منا هو مخلص نفسه، ولن يأتي المخلصون على الإطلاق...
لطالما كان شعاري: "امرح دائمًا وتألق" الخطأ ليس في الحياة بحد ذاتها، فالحياة مجرد محيط نسبح فيه، وعلينا أن نتكيّف معه أو نغرق إلى الأسفل. لكن السؤال هو: هل بإمكاننا كبشر ألا نلوث مياه الحياة، وألا نحطّم الروح التي تسكن داخلنا؟"
في الثمانين” يقول: في هذا العمر، فقدتُ الكثير من أوهامي، لكنني لحسن الحظ لم أفقد فضولي الجامح. الفضول لمعرفة أي شيء وكل شيء هو ما صنع مني كاتبًا. الفضول الذي لم يتخلّ عني أبدًا. إلى جانب هذه الخصلة، أدين بالفضل لخصلة أخرى، أضعها فوق كل اعتبار، وهي حاسة الدهشة. لا تهمني قيود حياتي كلها، لكنني لا أستطيع أن أتخيل، أن تتركني الحياة فارغًا من الدهشة. أسمّيها إلى حد ما: ديني. أنا لا أتساءل أبدًا عن هذا الوجود الذي نسبح فيه، كيف جاء وخُلق. أنا أستمتع به وأقدّره فحسب“.

لعلّ مصدر الراحة الأكبر في الشيخوخة هو قدرتنا المتزايدة على عدم أخذ الأشياء بجدية مبالغة. إن أحد أكبر الاختلافات بين الحكيم الحقيقي والواعظ هو: المرح. حين يضحك الحكيم، يضحك من قلبه، وحين يضحك الواعظ – إن حدث ذلك - فهي ضحكة وجه لا أكثر. كلما تقدم بي العمر، أفكاري المثالية التي طالما أنكرتها تتغير. أفكاري المثالية في أن أكون متحرراً من كل المثاليات، متحرراً من المبادئ، متحرراً من المذاهب والآيديولوجيات. أريد أن أمضي في محيط الحياة كما تمضي السمكة في البحر.
لم أعد أبذل جهدي لأقنع الناس بوجهة نظري عن الأشياء، ولا لمعالجتها. لم أعد أيضاً أشعر بالفوقية لأنهم يفتقدون الذكاء، كما كان يبدو لي. يمكننا أن نحارب الشر، لكننا أمام الغباء لا نستطيع فعل شيء. لقد تقبّلت الحقيقة كما هي، ومهما كانت قاسية.

وأكد ميللر في حديثه أن البشر لا يتغيرون بشدة كما نعقتد "شيء واحد أراه يتضح أمامي يومًا بعد يوم: شخصيات الناس الأصلية لا تتغير مع الأيام. النجاح يطوّر شخصياتهم، نعم، لكنه يُبرِز أخطاءهم وعيوبهم أيضًا. التلاميذ الأذكياء في المدرسة لا يبدون بالذكاء نفسه الذي كانوا عليه حين يخرجون لمواجهة العالم. الفتيان الذين كنت تزدريهم وتمقتهم في المدرسة، ستكرههم أكثر حين يصبحون مموّلين ورجال دولة وضباط بخمسة نجوم. الحياة تعلّمنا القليل من الدروس، لكنها لا تعلمنا كيف نكبر.

إننا مذنبون بجريمة من أكبر الجرائم لأننا لا نعيش حياتنا كاملة . إن القدرات التي في داخلنا قد لا يستطيع أحد أن يجرؤ على تخيلها إنها لا نهائية ، وذات يوم سوف ندرك ونعترف لأنفسنا أن التخيل هو كل شيء و التخيل هو صوت الجرأة"


هكذا تحدث هنري ميللر في عن عبثية الحياة، وآماله وطموحه الذي طالما راوده، تكلم أكثر باعتباره مسنًا ينقل وجهة نظره في دنيا عاث فيها تجولًا، وأوضح رؤيته للحياة بعد أن قارب على مغادرتها.


" لنعد إلى الإنسانية، إلى الإنسانية العادية، ولتذهب إلى الجحيم نظاراتكم ومجاهركم وتلسكوباتكم وتفاوتاتكم القومية والدينية وتعطشاتكم للسلطة ومطامحكم المبهمة... ضعوا كل الأمور في حسبانكم ولكن دون أن تفقدوا أبدا حس الفكاهة. فالحياة ليس فيها أمر أبدي الجدية. وفيها كل الفكاهة والمأساة معا. فأنت الممثل والقطعة التمثيلية معا. وأنت كل ماهو موجود لاأكثر ولا أقل... إذا استهدفنا تغيير العالم أو جعله متحركا فأيّ طريقة أفضل من التلويح بالمرآة لنشاهد فيها ذواتنا على حقيقتها بحيث نستطيع الضحك من ذواتنا ومن قضايانا. إن الفكاهة التي تضع النقاط على الحروف هي أجدى من سيف الساموراي، ولو قيض لهتلر رجل يضحكه ربما أنقذ الملايين من الحيوات."

عرف الطفل هنری مكابدة الفقر وقسوته ، فتخلى عن المدرسة ، ولم يستطع البقاء فيها ، خرج إلى الشارع والأرصفة ، وبعد ذلك التحق بالعمل في شركة أسمنت ، ثم التحق بجامعة كورنيله التي لم يمض فيها أيضا سوى فترة قصيرة ، ثم ترك نيويورك إلى كاليفورنيا وعمل في إحدى المزارع ، ومنها إلى آریزونا حيث انضم إلى إحدى الجماعات الفوضوية هناك ، التي أثرت كثيرا على حسه الفردي ، وفتحت أمامه عوالم نيتشه وستریتدینج وغيرهما ، ثم عاد بعد ذلك إلى أسرته مرة أخرى ، حيث عمل خياطا مع والده ، وبعدها عمل في مهن كتيرة مثل : بارمان، غاسل أطباق ، عامل نظافة ،ملاكم ، عازف بيانو . وحتی حفار قبور
تسيطر على ميللر الرغبة في العودة إلى عالم الطفولة ، ذلك العالم المتمرد ، الذي لا ينصاع لقواعد المجتمع ، لأنه لا يعرفها ، ولا يمكن أن يحترم شيئا مجهولا لديه ، إن الطفل هو التعبير الأمثل للإنسان الطبيعي بكل رغباته غير المكبوتة ، فهو يفعل ما يريد ، لا ما يريده الآخرون . ومع ذلك فإنه يمكن أن نتصور أن ميللر كان يحاول توظيف طفولته من أجل إعادة صياغة حاضره باستخدام اللغة الصبيانية ، ولاشك في أن دخول هذا الطفل إلى عالم العمل مبكرا في حياته ، جعله يحيا في عزلة طوعية عن عالمه الحقيقي ، لقد ولد في مجتمع تحكمه نظرية المنفعة ، واستدعاء الطفولة هي محاولة للتمرد على هذا المجتمع.



كتاب "اعترافات هنرى ميللر" يتكلم عن لقاء بين "كريستيان دى بارتيا" و "هنرى ميللر" ، وفيه يجرى حوار ينقسم لثلاثة أجزاء: الجزء الأول عن طفولة هنرى ميللر ، والجزء الثانى عن الكتب التى كتبها وما وراءها من تداعيات وعوامل نفسية ، أما الجزء الثالث فيتحدث عن رسالة ميللر فى كتاباته.
يبدو الكتاب وكأنه سيرة ذاتية عن حياة وأعمال "هنرى ميللر" ، فهذا الكتاب يفتح الباب لدراسة ومناقشة أعمال الروائى الأمريكى الذى شغل العالم بفكره الجرئ ، واختلف الناس فى شخصيته فاعتبره البعض قديساً ، ورأى فيه البعض الآخر نموذجاً للشيطان فى أبشع صوره ، فالكتاب يتناول الكثير من آراء ميللر ، ويلقى الضوء على أبعاد كثيرة من حياته وكتاباته فى صورة حوار بين "كريستيان دى بارتيا" و "هنرى ميللر" .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

هنري ميلر (بالإنجليزية: Henry Valentine Miller)‏ ولد (26 ديسمبر 1891-7يوليو 1980)،هو روائى ورسام أمريكي.عرف عنه عدم رضاه عن الاتجاه الأدبي العام في الأدب الأمريكى.وبدأ تطوير- بالطبع كلمة تطوير ليست دقيقة - نوع جديد من الرواية والتي هي عبارة عن خليط من القصة والسيرة الذاتية والنقد الاجتماعي والنظرة الفلسفية والتصوف، يجمع هنري بين نقيضين فهو يمتلك القدرة على التعبير الواقعي ثم لاتعدم وجود أفكار خيالية في أدبه. توفي ميلر في منزله في 7 حزيران 1980 عن عمر يناهز الـ88 إثر مشاكل في الدورة الدموية. تم حرق جثته وتقسيم رماده بين ابنه توني وابنته فال. وقد صرح توني أنه ينوي في نهاية المطاف أن يكون رماده مختلطاً مع رماد والده وأن ينثر في بيغ سور.

أكثر أعماله تميزاً هي مدار السرطان هنرى ميللر، مدار الجدى هنرى ميللر، والربيع الأسود.كتب ميللر أيضا عن اسفاره، ومقالات في النقد والتحليل الأدبي.


هذا الكتاب هو حوار مطول يجريه الكاتب “كريستيان دي بارتيا” مع ميللر ، ليخوض في العديد من الموضوعات ، ويلقي الضوء على أبعاد كثيرة من حياته وكتاباته ، هو حوار ثری مع شيخ لا يزال يعتصر من الحياة كل لذاتها ، ولا يبدو عليه الندم علی الإطلاق.
هذا الكتاب يعد استكمالا لأعماله التي خلفها قبل أن يغادر الدنيا. التي هي جميعها بمثابة دعوة إلى الحياة


- دى پارتيا : قلت أيضا في هذا السياق التفاؤلی : لو يسألونني من هو هنری میللر ، فأسجيبهم : إنه " طبيب نفسي " ، إنك الرجل الذي يعمل على إخلاء المصحات العقلية من مرضاها ، وبالتالي فإن رسالتك نبيلة جدا باختصار ، رسالتك علاجية ، إنه العلاج الميللری.
- ميللر : أتلقى مئات الرسائل ، وهي لعلمك تبتديء دائما بنفس الأسلوب وعلى النحو التالي: لم أكتب أبدأ إلى أي مؤلف وإنك أول كاتب أراسله ، وإني لأشكرك لأنك أنقذت حياتي ، لقد كنت مثيرا للشفقة ومكبوتا قبل أن أقرأك إلخ ...
- دي بارتيا : إنك راهب ، وشاعر وفنان طبيب، ألم يكن نيتشه نفسه يقول بأن للفن خاصة علاجية
- ميللر : أعتقد في هذا إعتقادا جازما
- دي بارتيا : قلت ذات مرة أنه يجب أن نخضع عالم الفانتازم، فهل أخضعته أنت الآن ؟
- ميللر : أجل ، أعتقد ذلك .
- دی بارتيا : ولهذا حصلت على السلام الداخلى .
- ميللر : تماما.
- دي بارتبا: الخلاصة أن حياة الإنسان في عمقها تتمثل في إخضاع فانتازماته ؟
- ميللر : وفي أن يتحرر من مخاوفه. لاتزال لدي اليوم مشاكل ولكن ليس لى مخاوف ، وليس لي كذلك مكابدات كثيرة .

- دي بارتيا : هل لكل إنسان ملاك في داخله ؟
ميللر : طبعا لا، ومن المؤكد أننا نستطيع أن نكون إما عباقرة وإما شخصيات دينية، إننا نتكلم دائما عن إمكانات الإنسان حتى أني قلت إن كل إنسان هو في آخر المطاف عبقري ، ولكن هذا غير صحيح الآن أدرك أن ذلك الكلام كان مجرد حلم وكنت أتمنى لو كان حقيقة ولكنه غير صحيح، بل أرى بشرا عديدين يولدون أبالسة وحوشا، وأننا لا نستطيع مساعدتهم بشيء سوى وضعهم في المستشفيات العقلية ولكن من المستحيل التخلص من شياطيننا، من اضطراباتنا في هذا العالم، إذن ليس مجديا الصراع لتنقية جانبنا هذا، ولهذا السبب لا أكترت بالمثالية، وأنا لست مثاليا وأعتقد أنه شئ مقيت أن يكون الإنسان مثاليا إذ يقودنا هذا إلى إتجاهات خاطئة.


في الحوار يقول “ميللر” عن رسالته التي توزعت في كتاباته: " إن مغامرة الإنسان الوحيدة هي الذهاب نحو الذات وحل مشكلة العالم الحديث تتمثل في أن يمضي كل إنسان إلى ذاته، رسالتي في صميمها تتمثل في أن يحقق الإنسان الكون داخل ذاته، وهذا ليس ممكنا لكل إنسان. يجب أن نكف عن إجبار أنفسنا لأن نصير شيئا آخر، كن أنت نفسك، حياة الإنسان في عمقها تتمثل في أن يتخلص من مخاوفه، لكل منا دربه الخاص ،وإنه ليس ثمة مخلص للبشرية، إذ أن كل واحدا منا هو مخلص نفسه، ولن يأتي المخلصون على الإطلاق...
لطالما كان شعاري: "امرح دائمًا وتألق" الخطأ ليس في الحياة بحد ذاتها، فالحياة مجرد محيط نسبح فيه، وعلينا أن نتكيّف معه أو نغرق إلى الأسفل. لكن السؤال هو: هل بإمكاننا كبشر ألا نلوث مياه الحياة، وألا نحطّم الروح التي تسكن داخلنا؟"
في الثمانين” يقول: في هذا العمر، فقدتُ الكثير من أوهامي، لكنني لحسن الحظ لم أفقد فضولي الجامح. الفضول لمعرفة أي شيء وكل شيء هو ما صنع مني كاتبًا. الفضول الذي لم يتخلّ عني أبدًا. إلى جانب هذه الخصلة، أدين بالفضل لخصلة أخرى، أضعها فوق كل اعتبار، وهي حاسة الدهشة. لا تهمني قيود حياتي كلها، لكنني لا أستطيع أن أتخيل، أن تتركني الحياة فارغًا من الدهشة. أسمّيها إلى حد ما: ديني. أنا لا أتساءل أبدًا عن هذا الوجود الذي نسبح فيه، كيف جاء وخُلق. أنا أستمتع به وأقدّره فحسب“.

لعلّ مصدر الراحة الأكبر في الشيخوخة هو قدرتنا المتزايدة على عدم أخذ الأشياء بجدية مبالغة. إن أحد أكبر الاختلافات بين الحكيم الحقيقي والواعظ هو: المرح. حين يضحك الحكيم، يضحك من قلبه، وحين يضحك الواعظ – إن حدث ذلك - فهي ضحكة وجه لا أكثر. كلما تقدم بي العمر، أفكاري المثالية التي طالما أنكرتها تتغير. أفكاري المثالية في أن أكون متحرراً من كل المثاليات، متحرراً من المبادئ، متحرراً من المذاهب والآيديولوجيات. أريد أن أمضي في محيط الحياة كما تمضي السمكة في البحر.
لم أعد أبذل جهدي لأقنع الناس بوجهة نظري عن الأشياء، ولا لمعالجتها. لم أعد أيضاً أشعر بالفوقية لأنهم يفتقدون الذكاء، كما كان يبدو لي. يمكننا أن نحارب الشر، لكننا أمام الغباء لا نستطيع فعل شيء. لقد تقبّلت الحقيقة كما هي، ومهما كانت قاسية.

وأكد ميللر في حديثه أن البشر لا يتغيرون بشدة كما نعقتد "شيء واحد أراه يتضح أمامي يومًا بعد يوم: شخصيات الناس الأصلية لا تتغير مع الأيام. النجاح يطوّر شخصياتهم، نعم، لكنه يُبرِز أخطاءهم وعيوبهم أيضًا. التلاميذ الأذكياء في المدرسة لا يبدون بالذكاء نفسه الذي كانوا عليه حين يخرجون لمواجهة العالم. الفتيان الذين كنت تزدريهم وتمقتهم في المدرسة، ستكرههم أكثر حين يصبحون مموّلين ورجال دولة وضباط بخمسة نجوم. الحياة تعلّمنا القليل من الدروس، لكنها لا تعلمنا كيف نكبر.

إننا مذنبون بجريمة من أكبر الجرائم لأننا لا نعيش حياتنا كاملة . إن القدرات التي في داخلنا قد لا يستطيع أحد أن يجرؤ على تخيلها إنها لا نهائية ، وذات يوم سوف ندرك ونعترف لأنفسنا أن التخيل هو كل شيء و التخيل هو صوت الجرأة"


هكذا تحدث هنري ميللر في عن عبثية الحياة، وآماله وطموحه الذي طالما راوده، تكلم أكثر باعتباره مسنًا ينقل وجهة نظره في دنيا عاث فيها تجولًا، وأوضح رؤيته للحياة بعد أن قارب على مغادرتها.


" لنعد إلى الإنسانية، إلى الإنسانية العادية، ولتذهب إلى الجحيم نظاراتكم ومجاهركم وتلسكوباتكم وتفاوتاتكم القومية والدينية وتعطشاتكم للسلطة ومطامحكم المبهمة... ضعوا كل الأمور في حسبانكم ولكن دون أن تفقدوا أبدا حس الفكاهة. فالحياة ليس فيها أمر أبدي الجدية. وفيها كل الفكاهة والمأساة معا. فأنت الممثل والقطعة التمثيلية معا. وأنت كل ماهو موجود لاأكثر ولا أقل... إذا استهدفنا تغيير العالم أو جعله متحركا فأيّ طريقة أفضل من التلويح بالمرآة لنشاهد فيها ذواتنا على حقيقتها بحيث نستطيع الضحك من ذواتنا ومن قضايانا. إن الفكاهة التي تضع النقاط على الحروف هي أجدى من سيف الساموراي، ولو قيض لهتلر رجل يضحكه ربما أنقذ الملايين من الحيوات."

عرف الطفل هنری مكابدة الفقر وقسوته ، فتخلى عن المدرسة ، ولم يستطع البقاء فيها ، خرج إلى الشارع والأرصفة ، وبعد ذلك التحق بالعمل في شركة أسمنت ، ثم التحق بجامعة كورنيله التي لم يمض فيها أيضا سوى فترة قصيرة ، ثم ترك نيويورك إلى كاليفورنيا وعمل في إحدى المزارع ، ومنها إلى آریزونا حيث انضم إلى إحدى الجماعات الفوضوية هناك ، التي أثرت كثيرا على حسه الفردي ، وفتحت أمامه عوالم نيتشه وستریتدینج وغيرهما ، ثم عاد بعد ذلك إلى أسرته مرة أخرى ، حيث عمل خياطا مع والده ، وبعدها عمل في مهن كتيرة مثل : بارمان، غاسل أطباق ، عامل نظافة ،ملاكم ، عازف بيانو . وحتی حفار قبور
تسيطر على ميللر الرغبة في العودة إلى عالم الطفولة ، ذلك العالم المتمرد ، الذي لا ينصاع لقواعد المجتمع ، لأنه لا يعرفها ، ولا يمكن أن يحترم شيئا مجهولا لديه ، إن الطفل هو التعبير الأمثل للإنسان الطبيعي بكل رغباته غير المكبوتة ، فهو يفعل ما يريد ، لا ما يريده الآخرون . ومع ذلك فإنه يمكن أن نتصور أن ميللر كان يحاول توظيف طفولته من أجل إعادة صياغة حاضره باستخدام اللغة الصبيانية ، ولاشك في أن دخول هذا الطفل إلى عالم العمل مبكرا في حياته ، جعله يحيا في عزلة طوعية عن عالمه الحقيقي ، لقد ولد في مجتمع تحكمه نظرية المنفعة ، واستدعاء الطفولة هي محاولة للتمرد على هذا المجتمع.

كتاب "اعترافات هنرى ميللر" يتكلم عن لقاء بين "كريستيان دى بارتيا" و "هنرى ميللر" ، وفيه يجرى حوار ينقسم لثلاثة أجزاء: الجزء الأول عن طفولة هنرى ميللر ، والجزء الثانى عن الكتب التى كتبها وما وراءها من تداعيات وعوامل نفسية ، أما الجزء الثالث فيتحدث عن رسالة ميللر فى كتاباته.
يبدو الكتاب وكأنه سيرة ذاتية عن حياة وأعمال "هنرى ميللر" ، فهذا الكتاب يفتح الباب لدراسة ومناقشة أعمال الروائى الأمريكى الذى شغل العالم بفكره الجرئ ، واختلف الناس فى شخصيته فاعتبره البعض قديساً ، ورأى فيه البعض الآخر نموذجاً للشيطان فى أبشع صوره ، فالكتاب يتناول الكثير من آراء ميللر ، ويلقى الضوء على أبعاد كثيرة من حياته وكتاباته فى صورة حوار بين "كريستيان دى بارتيا" و "هنرى ميللر"



حجم الكتاب عند التحميل : 7 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة إعترافات هنري ميللر فى الثمانين

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل إعترافات هنري ميللر فى الثمانين
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
كريستيان دى بارتيا - KRISTIAN DA BARTIA

كتب كريستيان دى بارتيا ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ إعترافات هنري ميللر فى الثمانين ❝ ❱. المزيد..

كتب كريستيان دى بارتيا