كتاب السيرة الذاتية لسماحة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبيالكتب والموسوعات العامة

كتاب السيرة الذاتية لسماحة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي

هو أبو عبد الله حمود عقلا الشعيبي (ولد عام 1346هـ - توفي عام 1422 هـ) اسمه بالكامل حمود بن عبد الله بن عقلاء بن محمد بن علي بن عقلاء الشعيبي الخالدي من آل جناح من بني خالد ولد في بلدة الشقة من أعمال القصيم، نشأ في بيت دين وكرم فلما كان عمره ست سنوات التحق بالكتّاب فتعلم القراءة والكتابة والحساب، وفي عام 1352 هـ أصيب الشعيبي بمرض الجدري مما أدى إلى فقده بصره، وقد حرص عليه والده منذ نعومة أظفاره وكان والده عبد الله صاحب زراعة وفلاحة فتعلم الشعيبي منه مع فقده لبصره الزراعة والسقي وغيرها. بداية طلبه للعلم قرأ الشعيبي القرآن وحفظه مع فقدانه بصره على يد الشيخ عبد الله بن مبارك العمري وعمره ثلاث عشرة سنة، يقول الشعيبي «وقد حفظت القرآن وعمري ثلاثة عشر عاماً وذلك عام 1359 هـ ، ولكن ضبطت الحفظ والتجويد عندما بلغت الخامسة عشر من عمري وكان ذلك عام 1361هـ ، وكان لوالدي جهدٌ كبير في تنشأتي وتعليمي فكان رحمه الله يحرص على أن أكون من طلبة العلم. اهـ» انتقاله إلى الرياض ولما بلغ العشرين من عمره أشار عليه والده عبد الله أن يسافر إلى الرياض ليتلقى العلم وكان ذلك في سنة 1367 هـ فانتقل إلى الرياض ولازم الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ قرابة السنة فقرأ وحفظ ودرس عليه صغار المتون في العقيدة والفرائض والنحو وغير ذلك، يقول الشعيبي «فبدأت بتلقي العلوم على فضيلة الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، وأكملت الآجرومية والأصول الثلاثة والرحبية في الفرائض والقواعد الأربعة حتى أكملتها فهماً وحفظاً. اهـ» وكان الشيخ عبد اللطيف هو المرحلة الأولى لطلبة العلم، فحينما يتقن الطالب عند الشيخ عبد اللطيف يتم نقله إلى حلقة الشيخ محمد بن إبراهيم فانتقل الشعيبي بعد سنة إلى حلقة الشيخ محمد بن إبراهيم فقرأ عليه وحفظ بعض طوال المتون، بل يكاد يحفظ شروحها، وقد عرف عنه قوة الحفظ في شبابه، وقد قرأ عليه بعض طلابه المتون مع شروحها فكان يكمل عنهم غالباً شروحها، بل كان يخطِّئ النسخ التي بين أيديهم، وكان يعيد عليهم أحياناً تعليق أحد شيوخه على بعض المسائل باللفظ والهيئة، وكان من ضمن ما حفظه ألفية ابن مالك في النحو وزاد المستقنع في الفقه الحنبلي، فكان يقول لطلابه « كنت أجلس أحياناً بعد العشاء في عريش رباط الشيخ محمد بن إبراهيم فلا أقوم من مكاني حتى أنهي هذين المتنون.» ملازمته للشيخ محمد بن إبراهيم قرأ الشعيبي أيضاً على الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية في العقيدة والحديث والفقه والتفسير وأصول الفقه والنحو فأتقنها، قال الشعيبي «انتقلت للقراءة على الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ سنة 1368هـ ، فقرأت عليه وبدأت بقراءة زاد المستقنع ثم كتاب التوحيد وكشف الشبهات والواسطية لشيخ الإسلام والأربعين النووية وألفية ابن مالك وبلوغ المرام، وهذه تقرأ على الشيخ عادة ولابد منها، وأضفت أنا عليها كتباً أخرى كنت أقرأها لوحدي على الشيخ منها الطحاوية والدرة المضيئة للسفاريني والحموية لابن تيمية هذه قرأتها لوحدي واستمرت القراءة على سماحة الوالد الشيخ محمد بن إبراهيم حتى فتح المعهد العلمي عام 1371هـ وهو أول معهد يفتح، وكل هذه الكتب كنت احفظها كما أحفظ الفاتحة. اهـ» وقال أيضاً «كان سماحة الوالد - يعني محمد بن إبراهيم - من أحرص المشايخ على طلابهم وكانت طريقته في التدريس هي كالتالي : يجلس للطلاب في المسجد بعد الفجر ونقرأ عليه في الألفية والبلوغ والزاد وقطر الندى، وكنا نحفظها كاملة، ثم يطلب الشيخ أن نعرب الأبيات كاملة ثم يقرأ الشيخ محمد بن قاسم شرح ابن عقيل على الشيخ ـ وهو شرح للأبيات التي قرأناها قبل قليل - ثم بعد إشراق الشمس بنحو نصف ساعة يذهب الشيخ إلى بيته والطلاب يصحبونه إلى بيته ثم بعد مدة يأذن لهم فيدخلوا ويجلس لهم كذلك وتبدأ قراءة المختصرات : أولا كتاب التوحيد ثم كشف الشبهات ثم الواسطية ثم إن كان هناك دروس خاصة لأحد الطلاب قرأ من يريد القراءة ثم تبدأ قراءة المطولات مثل صحيح البخاري أو المغني أو منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام، وهي تسمي قراءة المطولات هذا يقرأ والشيخ يستمع فقط وإذا عرض لأحد الطلاب إشكال سأل الطلاب وإلا الشيخ لا يشرح وللشيخ جلسة ثالثة قبل العشاء يقرأ عليه فيها تفسير ابن كثير يقرأها الشيخ عبد العزيز بن شلهوب وأحياناً يعلق الشيخ على التفسير، وليس له إلا هذه الجلسات فقط. اهـ» وكان الشيخ ابن إبراهيم إذا انتهى من الدرس قام الطلاب إلى الشيخ حمود - وكان منهم بعض العلماء الموجودين حالياً - وطلبوا منه أن يعيد لهم درس الشيخ بن إبراهيم فكان الشيخ حمود كما - يمازحهم – يرفض ذلك أول الأمر ثم يقوم إلى ركن المسجد فيعيد عليهم درس الشيخ كاملا. وقد تأثر الشيخ حمود في شيخه محمد بن إبراهيم حتى قال عنه «شيخي وأستاذي ووالدي رحمه الله، تأثرت به كثيراً.» ملازمته للشيخ محمد الأمين الشنقيطي يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي «أذكى من قابلت من المشايخ الشيخ محمد بن إبراهيم، وأذكى من قابلت من التلاميذ حمود العقلاء.» لازم الشعيبي الشيخ محمد الأمين الشنقيطي حتى في بيته وكان الشيخ يشرح له وحده، فقرأ الشيخ عليه في التفسير والعربية والحديث وأصول الفقه والمنطق. قال الشعيبي وهو يتحدث عن دراسته على الشيخ محمد الأمين «درست على الشيخ في الكليّة وأما في البيت فكانت لي دراسة يومية معه في الأصول والمنطق وكانت في المنطق سلم الأخضري وشرحه وفي الأصول روضة الناظر، وأتممتها على الشيخ رحمه الله وكانت دراستي لها دراسة جيدة، وكانت الدراسة لوحدي بعد المغرب .. وكان علم الشيخ الشنقيطي غزيراً جداً خاصة في الأصول والمنطق والتفسير والتأريخ واللغة والأدب وكان منقطع النظير في هذه ويجمع لها غيرها. اهـ» وكان للشيخ حمود مع شيخه محمد الأمين بعض المناقشات والمباحثات، منها ما حدث به لطلابه فقال «في درس التفسر لما مر الشيخ محمد الأمين على قوله تعالى (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى) الآية، قال الشيخ حمود فقلت : يا شيخ ألا يكون موسى هذا أحد نذر الجن ؟ فقال الشيخ محمد لو سبقت إلى هذا لقلت بقولك. اهـ» ومنها أيضاً قال الشيخ الشعيبي في شرحه للتدمرية عند ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية لقوله تعالى (والسماء بنيناها بأيد) أي قوة، قال الشيخ حمود «والعلماء يعلمون أن في القرآن مجازاً ولكنهم ينفون ذلك لسد الذرائع، وكان شيخنا الشنقيطي رحمه الله يشدد في نفي المجاز وأنا كنت أرى المجاز، فقال الشيخ الأمين رحمه الله : إن الرجوع في البديع لا يوجد في القرآن أبداً .. ثم استطرد الشيخ حمود قائلاً : والرجوع هو أن يثبت معناً من المعاني ثم ينفيه أو العكس، فقلت له : بل في القرآن ذلك، فاضطرب الشيخ وقال : أين ؟ فقلت : في قوله تعالى (قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندع من قبل شيئاً) وقوله تعالى (قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) استفهام .. لا يعلمون، ثم ردوا على أنفسهم بأنه الله، ولكن رحمه الله لم يقبل كلامي وقال : إنك لم تستدرك الأدلة التي استدللت بها. أهـ» وكان للشعيبي عند الأمين الشنقيطي مكانة وقدر يبينها ما قاله الشيخ نفسه، حيث قال « لما تخرجت من الكلية عينت قاضياً في وادي الدواسر فذهب الشيخ الشنقيطي للشيخ محمد بن إبراهيم وقال له هذا لا يمكن أن يعين في القضاء بل في التدريس لما يظهر منه من أهلية لهذا وبروز في التدريس» والشيخ محمد بن إبراهيم إذا عين أحداً في القضاء لا يمكن أن يتراجع أبداً مهما حصل، ولكنه كان يجل الشيخ الشنقيطي ويحترمه جداً. وكان من تأثر الشيخ حمود بشيخه الشنقيطي ما عبر عنه بقوله: «الشيخ محمد هو شيخي وإمامي في كل شيئ، وكان من خيرة العلماء علماً وورعاً وزهداً رحمه الله وغفر له وكان يعاملني مثل أولاده ويعتبرني ولداً له. إهـ» العمل ميوله لتدريس اللغة العربية وكان الشعيبي يهوى أن يدرس في كلية اللغة العربية فقد قرأ كثيراً من أبوابها على الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ محمد بن إبراهيم وحمد الجاسر وغيرهم، فقرأ في الأدب النحو والصرف والاشتقاق والبلاغة والبديع والإنشاء والإملاء وغيرها، فكان يقول «لما كنت طالباً كنت مهتماً في اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة، وكنت عازماً على أن أدرس اللغة وكنت أظن أنني لو درّست غيرها فشلت وأن فني الخاص هو اللغة العربية ولكن لما تخرجت قالوا إن اللغة يدرسها من تخرج من كلية اللغة وأنت ما عندك تخصص فرفضوا أن أدرس اللغة، وكان لي اهتمام بالشعر الجاهلي على وجه الخصوص وكنت أحفظ كثيراً من الشعر الجاهلي، وكنت مولعاً به، من ذلك معلقة امرئ القيس وعمرو بن كلثوم، ولامية العرب للشنفري ولامية العجم للطغرائي وحوليتين من حوليات زهير القافية التي مدح فيها هرم بن سنان والكافية. إهـ» وقد تحدث الشيخ عبد الله بن حسين أبالخيل فقال «كنا في رباط الشيخ محمد بن إبراهيم ولما جاءنا الشيخ حمود من الشقة تعجبنا من إتقانه اللغة العربية وكان عمره آن ذاك عشرين سنة.» ولما سئل الشعيبي عن كتابته للشعر قال «كتبت القليل من الفصيح والنبطي.» اهتمامه بطلابه كان الشعيبي يتفقد طلابه ويسأل عنهم وعن أحوالهم ويواسيهم، فإذا تغيب أحدهم بحث عن هاتفه حتى يجده ثم يتصل به ويسأله عن حاله وسبب تغيبه، فإن كان مريضاً عاده وزاره ودعا له، وإن كان لسبب من الأسباب حثه على المبادرة والاجتهاد، كان يحرص أن يتخرج الطالب على يديه متقناً ضابطاً، طلب منه أحد الطلبة أن يقرأ عليه إحدى المواد فوافق، ولما جاء الطالب في الموعد المحدد وقرأ البسملة والحمدلة قال له الشيخ قف، ثم قال «الطلاب لا ينقطع حضورهم عندي، فإما الاستمرار وإما من الآن» فقال الطالب «الاستمرار يا شيخ، فكان هذا الطالب يحدث قائلاً منذ تلك المقولة من الشيخ وأنا لم أنقطع عن الدروس والعلم.» وكان من حرصه عليهم أنه كان يدرس لبعضهم بعض مواد الدراسة النظامية إذا كان عندهم امتحانات فيها، بل يسألهم حتى عن أسئلة الامتحانات ونتائجها. كان الشعيبي يطلب بطريقة لطيفة من بعض تلامذته أن يبحثوا بعض المسائل لكي يتدربوا على طريقة البحث، وكان يناقشهم على تلك البحوث، فإما أن يصحح لهم أو يوافقهم، كان الشعيبي في حلقة الدرس يسأل عن مسائل الدرس السابق ويطلب من الطلبة في النحو إعراب الآيات القرآنية والأبيات الشعرية والشواهد العربية، بل ويطالبهم أحياناً أن يحفظوا بعض أشعار العرب. وكان يدرس تلامذته أحياناً في اليوم الشديد الحر حتى ترى في وجهه تصبب العرق ومع ذلك يصبر ويتحمل، بل كان يحتاج إلى النوم وترى التعب بادياً على وجهه ولم يكن ليعتذر عن الدرس، فكان بعض طلبته يقولون له «لعلنا نرجئ درسنا لليوم التالي يا شيخ، فيقول اقرأ فقد جئت من بعيد.» كتاب جامع آثار الشيخ العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله هو كتاب يجمع مؤلفات فتاوى ورسائل الشيخ العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي.
عبدالرحمن بن محمد الهرفي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ السيرة الذاتية لسماحة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي ❝ ❞ أخبار الشيخ الزاهد عبد الكريم الدرويش ❝ ❞ تهذيب أحكام الحج ❝ ❞ أحكام الحج (مطوية) ❝ ❱
من كتب السير و المذكرات التراجم والأعلام - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.

وصف الكتاب : هو أبو عبد الله حمود عقلا الشعيبي (ولد عام 1346هـ - توفي عام 1422 هـ) اسمه بالكامل حمود بن عبد الله بن عقلاء بن محمد بن علي بن عقلاء الشعيبي الخالدي من آل جناح من بني خالد ولد في بلدة الشقة من أعمال القصيم، نشأ في بيت دين وكرم فلما كان عمره ست سنوات التحق بالكتّاب فتعلم القراءة والكتابة والحساب، وفي عام 1352 هـ أصيب الشعيبي بمرض الجدري مما أدى إلى فقده بصره، وقد حرص عليه والده منذ نعومة أظفاره وكان والده عبد الله صاحب زراعة وفلاحة فتعلم الشعيبي منه مع فقده لبصره الزراعة والسقي وغيرها.

بداية طلبه للعلم
قرأ الشعيبي القرآن وحفظه مع فقدانه بصره على يد الشيخ عبد الله بن مبارك العمري وعمره ثلاث عشرة سنة، يقول الشعيبي

«وقد حفظت القرآن وعمري ثلاثة عشر عاماً وذلك عام 1359 هـ ، ولكن ضبطت الحفظ والتجويد عندما بلغت الخامسة عشر من عمري وكان ذلك عام 1361هـ ، وكان لوالدي جهدٌ كبير في تنشأتي وتعليمي فكان رحمه الله يحرص على أن أكون من طلبة العلم. اهـ»
انتقاله إلى الرياض
ولما بلغ العشرين من عمره أشار عليه والده عبد الله أن يسافر إلى الرياض ليتلقى العلم وكان ذلك في سنة 1367 هـ فانتقل إلى الرياض ولازم الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ قرابة السنة فقرأ وحفظ ودرس عليه صغار المتون في العقيدة والفرائض والنحو وغير ذلك، يقول الشعيبي

«فبدأت بتلقي العلوم على فضيلة الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، وأكملت الآجرومية والأصول الثلاثة والرحبية في الفرائض والقواعد الأربعة حتى أكملتها فهماً وحفظاً. اهـ»
وكان الشيخ عبد اللطيف هو المرحلة الأولى لطلبة العلم، فحينما يتقن الطالب عند الشيخ عبد اللطيف يتم نقله إلى حلقة الشيخ محمد بن إبراهيم فانتقل الشعيبي بعد سنة إلى حلقة الشيخ محمد بن إبراهيم فقرأ عليه وحفظ بعض طوال المتون، بل يكاد يحفظ شروحها، وقد عرف عنه قوة الحفظ في شبابه، وقد قرأ عليه بعض طلابه المتون مع شروحها فكان يكمل عنهم غالباً شروحها، بل كان يخطِّئ النسخ التي بين أيديهم، وكان يعيد عليهم أحياناً تعليق أحد شيوخه على بعض المسائل باللفظ والهيئة، وكان من ضمن ما حفظه ألفية ابن مالك في النحو وزاد المستقنع في الفقه الحنبلي، فكان يقول لطلابه

« كنت أجلس أحياناً بعد العشاء في عريش رباط الشيخ محمد بن إبراهيم فلا أقوم من مكاني حتى أنهي هذين المتنون.»
ملازمته للشيخ محمد بن إبراهيم
قرأ الشعيبي أيضاً على الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية في العقيدة والحديث والفقه والتفسير وأصول الفقه والنحو فأتقنها، قال الشعيبي

«انتقلت للقراءة على الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ سنة 1368هـ ، فقرأت عليه وبدأت بقراءة زاد المستقنع ثم كتاب التوحيد وكشف الشبهات والواسطية لشيخ الإسلام والأربعين النووية وألفية ابن مالك وبلوغ المرام، وهذه تقرأ على الشيخ عادة ولابد منها، وأضفت أنا عليها كتباً أخرى كنت أقرأها لوحدي على الشيخ منها الطحاوية والدرة المضيئة للسفاريني والحموية لابن تيمية هذه قرأتها لوحدي واستمرت القراءة على سماحة الوالد الشيخ محمد بن إبراهيم حتى فتح المعهد العلمي عام 1371هـ وهو أول معهد يفتح، وكل هذه الكتب كنت احفظها كما أحفظ الفاتحة. اهـ»
وقال أيضاً

«كان سماحة الوالد - يعني محمد بن إبراهيم - من أحرص المشايخ على طلابهم وكانت طريقته في التدريس هي كالتالي : يجلس للطلاب في المسجد بعد الفجر ونقرأ عليه في الألفية والبلوغ والزاد وقطر الندى، وكنا نحفظها كاملة، ثم يطلب الشيخ أن نعرب الأبيات كاملة ثم يقرأ الشيخ محمد بن قاسم شرح ابن عقيل على الشيخ ـ وهو شرح للأبيات التي قرأناها قبل قليل - ثم بعد إشراق الشمس بنحو نصف ساعة يذهب الشيخ إلى بيته والطلاب يصحبونه إلى بيته ثم بعد مدة يأذن لهم فيدخلوا ويجلس لهم كذلك وتبدأ قراءة المختصرات : أولا كتاب التوحيد ثم كشف الشبهات ثم الواسطية ثم إن كان هناك دروس خاصة لأحد الطلاب قرأ من يريد القراءة ثم تبدأ قراءة المطولات مثل صحيح البخاري أو المغني أو منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام، وهي تسمي قراءة المطولات هذا يقرأ والشيخ يستمع فقط وإذا عرض لأحد الطلاب إشكال سأل الطلاب وإلا الشيخ لا يشرح وللشيخ جلسة ثالثة قبل العشاء يقرأ عليه فيها تفسير ابن كثير يقرأها الشيخ عبد العزيز بن شلهوب وأحياناً يعلق الشيخ على التفسير، وليس له إلا هذه الجلسات فقط. اهـ»
وكان الشيخ ابن إبراهيم إذا انتهى من الدرس قام الطلاب إلى الشيخ حمود - وكان منهم بعض العلماء الموجودين حالياً - وطلبوا منه أن يعيد لهم درس الشيخ بن إبراهيم فكان الشيخ حمود كما - يمازحهم – يرفض ذلك أول الأمر ثم يقوم إلى ركن المسجد فيعيد عليهم درس الشيخ كاملا. وقد تأثر الشيخ حمود في شيخه محمد بن إبراهيم حتى قال عنه «شيخي وأستاذي ووالدي رحمه الله، تأثرت به كثيراً.»

ملازمته للشيخ محمد الأمين الشنقيطي
يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

«أذكى من قابلت من المشايخ الشيخ محمد بن إبراهيم، وأذكى من قابلت من التلاميذ حمود العقلاء.»
لازم الشعيبي الشيخ محمد الأمين الشنقيطي حتى في بيته وكان الشيخ يشرح له وحده، فقرأ الشيخ عليه في التفسير والعربية والحديث وأصول الفقه والمنطق. قال الشعيبي وهو يتحدث عن دراسته على الشيخ محمد الأمين

«درست على الشيخ في الكليّة وأما في البيت فكانت لي دراسة يومية معه في الأصول والمنطق وكانت في المنطق سلم الأخضري وشرحه وفي الأصول روضة الناظر، وأتممتها على الشيخ رحمه الله وكانت دراستي لها دراسة جيدة، وكانت الدراسة لوحدي بعد المغرب .. وكان علم الشيخ الشنقيطي غزيراً جداً خاصة في الأصول والمنطق والتفسير والتأريخ واللغة والأدب وكان منقطع النظير في هذه ويجمع لها غيرها. اهـ»
وكان للشيخ حمود مع شيخه محمد الأمين بعض المناقشات والمباحثات، منها ما حدث به لطلابه فقال

«في درس التفسر لما مر الشيخ محمد الأمين على قوله تعالى (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى) الآية، قال الشيخ حمود فقلت : يا شيخ ألا يكون موسى هذا أحد نذر الجن ؟ فقال الشيخ محمد لو سبقت إلى هذا لقلت بقولك. اهـ»
ومنها أيضاً قال الشيخ الشعيبي في شرحه للتدمرية عند ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية لقوله تعالى (والسماء بنيناها بأيد) أي قوة، قال الشيخ حمود

«والعلماء يعلمون أن في القرآن مجازاً ولكنهم ينفون ذلك لسد الذرائع، وكان شيخنا الشنقيطي رحمه الله يشدد في نفي المجاز وأنا كنت أرى المجاز، فقال الشيخ الأمين رحمه الله : إن الرجوع في البديع لا يوجد في القرآن أبداً .. ثم استطرد الشيخ حمود قائلاً : والرجوع هو أن يثبت معناً من المعاني ثم ينفيه أو العكس، فقلت له : بل في القرآن ذلك، فاضطرب الشيخ وقال : أين ؟ فقلت : في قوله تعالى (قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندع من قبل شيئاً) وقوله تعالى (قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) استفهام .. لا يعلمون، ثم ردوا على أنفسهم بأنه الله، ولكن رحمه الله لم يقبل كلامي وقال : إنك لم تستدرك الأدلة التي استدللت بها. أهـ»
وكان للشعيبي عند الأمين الشنقيطي مكانة وقدر يبينها ما قاله الشيخ نفسه، حيث قال

« لما تخرجت من الكلية عينت قاضياً في وادي الدواسر فذهب الشيخ الشنقيطي للشيخ محمد بن إبراهيم وقال له هذا لا يمكن أن يعين في القضاء بل في التدريس لما يظهر منه من أهلية لهذا وبروز في التدريس»
والشيخ محمد بن إبراهيم إذا عين أحداً في القضاء لا يمكن أن يتراجع أبداً مهما حصل، ولكنه كان يجل الشيخ الشنقيطي ويحترمه جداً. وكان من تأثر الشيخ حمود بشيخه الشنقيطي ما عبر عنه بقوله:

«الشيخ محمد هو شيخي وإمامي في كل شيئ، وكان من خيرة العلماء علماً وورعاً وزهداً رحمه الله وغفر له وكان يعاملني مثل أولاده ويعتبرني ولداً له. إهـ»
العمل
ميوله لتدريس اللغة العربية
وكان الشعيبي يهوى أن يدرس في كلية اللغة العربية فقد قرأ كثيراً من أبوابها على الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ محمد بن إبراهيم وحمد الجاسر وغيرهم، فقرأ في الأدب النحو والصرف والاشتقاق والبلاغة والبديع والإنشاء والإملاء وغيرها، فكان يقول

«لما كنت طالباً كنت مهتماً في اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة، وكنت عازماً على أن أدرس اللغة وكنت أظن أنني لو درّست غيرها فشلت وأن فني الخاص هو اللغة العربية ولكن لما تخرجت قالوا إن اللغة يدرسها من تخرج من كلية اللغة وأنت ما عندك تخصص فرفضوا أن أدرس اللغة، وكان لي اهتمام بالشعر الجاهلي على وجه الخصوص وكنت أحفظ كثيراً من الشعر الجاهلي، وكنت مولعاً به، من ذلك معلقة امرئ القيس وعمرو بن كلثوم، ولامية العرب للشنفري ولامية العجم للطغرائي وحوليتين من حوليات زهير القافية التي مدح فيها هرم بن سنان والكافية. إهـ»
وقد تحدث الشيخ عبد الله بن حسين أبالخيل فقال «كنا في رباط الشيخ محمد بن إبراهيم ولما جاءنا الشيخ حمود من الشقة تعجبنا من إتقانه اللغة العربية وكان عمره آن ذاك عشرين سنة.» ولما سئل الشعيبي عن كتابته للشعر قال «كتبت القليل من الفصيح والنبطي.»

اهتمامه بطلابه
كان الشعيبي يتفقد طلابه ويسأل عنهم وعن أحوالهم ويواسيهم، فإذا تغيب أحدهم بحث عن هاتفه حتى يجده ثم يتصل به ويسأله عن حاله وسبب تغيبه، فإن كان مريضاً عاده وزاره ودعا له، وإن كان لسبب من الأسباب حثه على المبادرة والاجتهاد، كان يحرص أن يتخرج الطالب على يديه متقناً ضابطاً، طلب منه أحد الطلبة أن يقرأ عليه إحدى المواد فوافق، ولما جاء الطالب في الموعد المحدد وقرأ البسملة والحمدلة قال له الشيخ قف، ثم قال «الطلاب لا ينقطع حضورهم عندي، فإما الاستمرار وإما من الآن» فقال الطالب «الاستمرار يا شيخ، فكان هذا الطالب يحدث قائلاً منذ تلك المقولة من الشيخ وأنا لم أنقطع عن الدروس والعلم.» وكان من حرصه عليهم أنه كان يدرس لبعضهم بعض مواد الدراسة النظامية إذا كان عندهم امتحانات فيها، بل يسألهم حتى عن أسئلة الامتحانات ونتائجها.

كان الشعيبي يطلب بطريقة لطيفة من بعض تلامذته أن يبحثوا بعض المسائل لكي يتدربوا على طريقة البحث، وكان يناقشهم على تلك البحوث، فإما أن يصحح لهم أو يوافقهم، كان الشعيبي في حلقة الدرس يسأل عن مسائل الدرس السابق ويطلب من الطلبة في النحو إعراب الآيات القرآنية والأبيات الشعرية والشواهد العربية، بل ويطالبهم أحياناً أن يحفظوا بعض أشعار العرب. وكان يدرس تلامذته أحياناً في اليوم الشديد الحر حتى ترى في وجهه تصبب العرق ومع ذلك يصبر ويتحمل، بل كان يحتاج إلى النوم وترى التعب بادياً على وجهه ولم يكن ليعتذر عن الدرس، فكان بعض طلبته يقولون له «لعلنا نرجئ درسنا لليوم التالي يا شيخ، فيقول اقرأ فقد جئت من بعيد.»

كتاب جامع آثار الشيخ العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله هو كتاب يجمع مؤلفات فتاوى ورسائل الشيخ العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي.

للكاتب/المؤلف : عبدالرحمن بن محمد الهرفي .
دار النشر : .
عدد مرات التحميل : 6676 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الإثنين , 25 مارس 2019م.
حجم الكتاب عند التحميل : 36 كيلوبايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

السيرة الذاتية لسماحة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي

سير وتراجم 

التاريخ

هو أبو عبد الله حمود عقلا الشعيبي (ولد عام 1346هـ - توفي عام 1422 هـ) اسمه بالكامل حمود بن عبد الله بن عقلاء بن محمد بن علي بن عقلاء الشعيبي الخالدي من آل جناح من بني خالد ولد في بلدة الشقة من أعمال القصيم، نشأ في بيت دين وكرم فلما كان عمره ست سنوات التحق بالكتّاب فتعلم القراءة والكتابة والحساب، وفي عام 1352 هـ أصيب الشعيبي بمرض الجدري مما أدى إلى فقده بصره، وقد حرص عليه والده منذ نعومة أظفاره وكان والده عبد الله صاحب زراعة وفلاحة فتعلم الشعيبي منه مع فقده لبصره الزراعة والسقي وغيرها.

بداية طلبه للعلم
قرأ الشعيبي القرآن وحفظه مع فقدانه بصره على يد الشيخ عبد الله بن مبارك العمري وعمره ثلاث عشرة سنة، يقول الشعيبي

«وقد حفظت القرآن وعمري ثلاثة عشر عاماً وذلك عام 1359 هـ ، ولكن ضبطت الحفظ والتجويد عندما بلغت الخامسة عشر من عمري وكان ذلك عام 1361هـ ، وكان لوالدي جهدٌ كبير في تنشأتي وتعليمي فكان رحمه الله يحرص على أن أكون من طلبة العلم. اهـ»
انتقاله إلى الرياض
ولما بلغ العشرين من عمره أشار عليه والده عبد الله أن يسافر إلى الرياض ليتلقى العلم وكان ذلك في سنة 1367 هـ فانتقل إلى الرياض ولازم الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ قرابة السنة فقرأ وحفظ ودرس عليه صغار المتون في العقيدة والفرائض والنحو وغير ذلك، يقول الشعيبي

«فبدأت بتلقي العلوم على فضيلة الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، وأكملت الآجرومية والأصول الثلاثة والرحبية في الفرائض والقواعد الأربعة حتى أكملتها فهماً وحفظاً. اهـ»
وكان الشيخ عبد اللطيف هو المرحلة الأولى لطلبة العلم، فحينما يتقن الطالب عند الشيخ عبد اللطيف يتم نقله إلى حلقة الشيخ محمد بن إبراهيم فانتقل الشعيبي بعد سنة إلى حلقة الشيخ محمد بن إبراهيم فقرأ عليه وحفظ بعض طوال المتون، بل يكاد يحفظ شروحها، وقد عرف عنه قوة الحفظ في شبابه، وقد قرأ عليه بعض طلابه المتون مع شروحها فكان يكمل عنهم غالباً شروحها، بل كان يخطِّئ النسخ التي بين أيديهم، وكان يعيد عليهم أحياناً تعليق أحد شيوخه على بعض المسائل باللفظ والهيئة، وكان من ضمن ما حفظه ألفية ابن مالك في النحو وزاد المستقنع في الفقه الحنبلي، فكان يقول لطلابه

« كنت أجلس أحياناً بعد العشاء في عريش رباط الشيخ محمد بن إبراهيم فلا أقوم من مكاني حتى أنهي هذين المتنون.»
ملازمته للشيخ محمد بن إبراهيم
قرأ الشعيبي أيضاً على الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية في العقيدة والحديث والفقه والتفسير وأصول الفقه والنحو فأتقنها، قال الشعيبي

«انتقلت للقراءة على الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ سنة 1368هـ ، فقرأت عليه وبدأت بقراءة زاد المستقنع ثم كتاب التوحيد وكشف الشبهات والواسطية لشيخ الإسلام والأربعين النووية وألفية ابن مالك وبلوغ المرام، وهذه تقرأ على الشيخ عادة ولابد منها، وأضفت أنا عليها كتباً أخرى كنت أقرأها لوحدي على الشيخ منها الطحاوية والدرة المضيئة للسفاريني والحموية لابن تيمية هذه قرأتها لوحدي واستمرت القراءة على سماحة الوالد الشيخ محمد بن إبراهيم حتى فتح المعهد العلمي عام 1371هـ وهو أول معهد يفتح، وكل هذه الكتب كنت احفظها كما أحفظ الفاتحة. اهـ»
وقال أيضاً

«كان سماحة الوالد - يعني محمد بن إبراهيم - من أحرص المشايخ على طلابهم وكانت طريقته في التدريس هي كالتالي : يجلس للطلاب في المسجد بعد الفجر ونقرأ عليه في الألفية والبلوغ والزاد وقطر الندى، وكنا نحفظها كاملة، ثم يطلب الشيخ أن نعرب الأبيات كاملة ثم يقرأ الشيخ محمد بن قاسم شرح ابن عقيل على الشيخ ـ وهو شرح للأبيات التي قرأناها قبل قليل - ثم بعد إشراق الشمس بنحو نصف ساعة يذهب الشيخ إلى بيته والطلاب يصحبونه إلى بيته ثم بعد مدة يأذن لهم فيدخلوا ويجلس لهم كذلك وتبدأ قراءة المختصرات : أولا كتاب التوحيد ثم كشف الشبهات ثم الواسطية ثم إن كان هناك دروس خاصة لأحد الطلاب قرأ من يريد القراءة ثم تبدأ قراءة المطولات مثل صحيح البخاري أو المغني أو منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام، وهي تسمي قراءة المطولات هذا يقرأ والشيخ يستمع فقط وإذا عرض لأحد الطلاب إشكال سأل الطلاب وإلا الشيخ لا يشرح وللشيخ جلسة ثالثة قبل العشاء يقرأ عليه فيها تفسير ابن كثير يقرأها الشيخ عبد العزيز بن شلهوب وأحياناً يعلق الشيخ على التفسير، وليس له إلا هذه الجلسات فقط. اهـ»
وكان الشيخ ابن إبراهيم إذا انتهى من الدرس قام الطلاب إلى الشيخ حمود - وكان منهم بعض العلماء الموجودين حالياً - وطلبوا منه أن يعيد لهم درس الشيخ بن إبراهيم فكان الشيخ حمود كما - يمازحهم – يرفض ذلك أول الأمر ثم يقوم إلى ركن المسجد فيعيد عليهم درس الشيخ كاملا. وقد تأثر الشيخ حمود في شيخه محمد بن إبراهيم حتى قال عنه «شيخي وأستاذي ووالدي رحمه الله، تأثرت به كثيراً.»

ملازمته للشيخ محمد الأمين الشنقيطي
يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

«أذكى من قابلت من المشايخ الشيخ محمد بن إبراهيم، وأذكى من قابلت من التلاميذ حمود العقلاء.»
لازم الشعيبي الشيخ محمد الأمين الشنقيطي حتى في بيته وكان الشيخ يشرح له وحده، فقرأ الشيخ عليه في التفسير والعربية والحديث وأصول الفقه والمنطق. قال الشعيبي وهو يتحدث عن دراسته على الشيخ محمد الأمين

«درست على الشيخ في الكليّة وأما في البيت فكانت لي دراسة يومية معه في الأصول والمنطق وكانت في المنطق سلم الأخضري وشرحه وفي الأصول روضة الناظر، وأتممتها على الشيخ رحمه الله وكانت دراستي لها دراسة جيدة، وكانت الدراسة لوحدي بعد المغرب .. وكان علم الشيخ الشنقيطي غزيراً جداً خاصة في الأصول والمنطق والتفسير والتأريخ واللغة والأدب وكان منقطع النظير في هذه ويجمع لها غيرها. اهـ»
وكان للشيخ حمود مع شيخه محمد الأمين بعض المناقشات والمباحثات، منها ما حدث به لطلابه فقال

«في درس التفسر لما مر الشيخ محمد الأمين على قوله تعالى (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى) الآية، قال الشيخ حمود فقلت : يا شيخ ألا يكون موسى هذا أحد نذر الجن ؟ فقال الشيخ محمد لو سبقت إلى هذا لقلت بقولك. اهـ»
ومنها أيضاً قال الشيخ الشعيبي في شرحه للتدمرية عند ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية لقوله تعالى (والسماء بنيناها بأيد) أي قوة، قال الشيخ حمود

«والعلماء يعلمون أن في القرآن مجازاً ولكنهم ينفون ذلك لسد الذرائع، وكان شيخنا الشنقيطي رحمه الله يشدد في نفي المجاز وأنا كنت أرى المجاز، فقال الشيخ الأمين رحمه الله : إن الرجوع في البديع لا يوجد في القرآن أبداً .. ثم استطرد الشيخ حمود قائلاً : والرجوع هو أن يثبت معناً من المعاني ثم ينفيه أو العكس، فقلت له : بل في القرآن ذلك، فاضطرب الشيخ وقال : أين ؟ فقلت : في قوله تعالى (قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندع من قبل شيئاً) وقوله تعالى (قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) استفهام .. لا يعلمون، ثم ردوا على أنفسهم بأنه الله، ولكن رحمه الله لم يقبل كلامي وقال : إنك لم تستدرك الأدلة التي استدللت بها. أهـ»
وكان للشعيبي عند الأمين الشنقيطي مكانة وقدر يبينها ما قاله الشيخ نفسه، حيث قال

« لما تخرجت من الكلية عينت قاضياً في وادي الدواسر فذهب الشيخ الشنقيطي للشيخ محمد بن إبراهيم وقال له هذا لا يمكن أن يعين في القضاء بل في التدريس لما يظهر منه من أهلية لهذا وبروز في التدريس»
والشيخ محمد بن إبراهيم إذا عين أحداً في القضاء لا يمكن أن يتراجع أبداً مهما حصل، ولكنه كان يجل الشيخ الشنقيطي ويحترمه جداً. وكان من تأثر الشيخ حمود بشيخه الشنقيطي ما عبر عنه بقوله:

«الشيخ محمد هو شيخي وإمامي في كل شيئ، وكان من خيرة العلماء علماً وورعاً وزهداً رحمه الله وغفر له وكان يعاملني مثل أولاده ويعتبرني ولداً له. إهـ»
العمل
ميوله لتدريس اللغة العربية
وكان الشعيبي يهوى أن يدرس في كلية اللغة العربية فقد قرأ كثيراً من أبوابها على الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ محمد بن إبراهيم وحمد الجاسر وغيرهم، فقرأ في الأدب النحو والصرف والاشتقاق والبلاغة والبديع والإنشاء والإملاء وغيرها، فكان يقول

«لما كنت طالباً كنت مهتماً في اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة، وكنت عازماً على أن أدرس اللغة وكنت أظن أنني لو درّست غيرها فشلت وأن فني الخاص هو اللغة العربية ولكن لما تخرجت قالوا إن اللغة يدرسها من تخرج من كلية اللغة وأنت ما عندك تخصص فرفضوا أن أدرس اللغة، وكان لي اهتمام بالشعر الجاهلي على وجه الخصوص وكنت أحفظ كثيراً من الشعر الجاهلي، وكنت مولعاً به، من ذلك معلقة امرئ القيس وعمرو بن كلثوم، ولامية العرب للشنفري ولامية العجم للطغرائي وحوليتين من حوليات زهير القافية التي مدح فيها هرم بن سنان والكافية. إهـ»
وقد تحدث الشيخ عبد الله بن حسين أبالخيل فقال «كنا في رباط الشيخ محمد بن إبراهيم ولما جاءنا الشيخ حمود من الشقة تعجبنا من إتقانه اللغة العربية وكان عمره آن ذاك عشرين سنة.» ولما سئل الشعيبي عن كتابته للشعر قال «كتبت القليل من الفصيح والنبطي.»

اهتمامه بطلابه
كان الشعيبي يتفقد طلابه ويسأل عنهم وعن أحوالهم ويواسيهم، فإذا تغيب أحدهم بحث عن هاتفه حتى يجده ثم يتصل به ويسأله عن حاله وسبب تغيبه، فإن كان مريضاً عاده وزاره ودعا له، وإن كان لسبب من الأسباب حثه على المبادرة والاجتهاد، كان يحرص أن يتخرج الطالب على يديه متقناً ضابطاً، طلب منه أحد الطلبة أن يقرأ عليه إحدى المواد فوافق، ولما جاء الطالب في الموعد المحدد وقرأ البسملة والحمدلة قال له الشيخ قف، ثم قال «الطلاب لا ينقطع حضورهم عندي، فإما الاستمرار وإما من الآن» فقال الطالب «الاستمرار يا شيخ، فكان هذا الطالب يحدث قائلاً منذ تلك المقولة من الشيخ وأنا لم أنقطع عن الدروس والعلم.» وكان من حرصه عليهم أنه كان يدرس لبعضهم بعض مواد الدراسة النظامية إذا كان عندهم امتحانات فيها، بل يسألهم حتى عن أسئلة الامتحانات ونتائجها.

كان الشعيبي يطلب بطريقة لطيفة من بعض تلامذته أن يبحثوا بعض المسائل لكي يتدربوا على طريقة البحث، وكان يناقشهم على تلك البحوث، فإما أن يصحح لهم أو يوافقهم، كان الشعيبي في حلقة الدرس يسأل عن مسائل الدرس السابق ويطلب من الطلبة في النحو إعراب الآيات القرآنية والأبيات الشعرية والشواهد العربية، بل ويطالبهم أحياناً أن يحفظوا بعض أشعار العرب. وكان يدرس تلامذته أحياناً في اليوم الشديد الحر حتى ترى في وجهه تصبب العرق ومع ذلك يصبر ويتحمل، بل كان يحتاج إلى النوم وترى التعب بادياً على وجهه ولم يكن ليعتذر عن الدرس، فكان بعض طلبته يقولون له «لعلنا نرجئ درسنا لليوم التالي يا شيخ، فيقول اقرأ فقد جئت من بعيد.»

كتاب جامع آثار الشيخ العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله هو كتاب يجمع مؤلفات فتاوى ورسائل الشيخ العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي.



نوع الكتاب : doc.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل السيرة الذاتية لسماحة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي
عبدالرحمن بن محمد الهرفي
عبدالرحمن بن محمد الهرفي
Abdul Rahman bin Muhammad Al Harfi
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ السيرة الذاتية لسماحة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي ❝ ❞ أخبار الشيخ الزاهد عبد الكريم الدرويش ❝ ❞ تهذيب أحكام الحج ❝ ❞ أحكام الحج (مطوية) ❝ ❱.



كتب اخرى في كتب السير و المذكرات

محطات في حياة الإمام المجدد الشيخِ محمدِ بنِ عبد الوهاب رحمه الله PDF

قراءة و تحميل كتاب محطات في حياة الإمام المجدد الشيخِ محمدِ بنِ عبد الوهاب رحمه الله PDF مجانا

أمنا عائشة ملكة العفاف PDF

قراءة و تحميل كتاب أمنا عائشة ملكة العفاف PDF مجانا

مظاهر القدوة في سيرة الإمام أبو حنيفة رحمه الله PDF

قراءة و تحميل كتاب مظاهر القدوة في سيرة الإمام أبو حنيفة رحمه الله PDF مجانا

من وحي الذاكرة ج4 PDF

قراءة و تحميل كتاب من وحي الذاكرة ج4 PDF مجانا

وقفات في حياة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله PDF

قراءة و تحميل كتاب وقفات في حياة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله PDF مجانا

مشيناها خطى PDF

قراءة و تحميل كتاب مشيناها خطى PDF مجانا

أمير وراء القضبان PDF

قراءة و تحميل كتاب أمير وراء القضبان PDF مجانا

تاريخ سليمان الصالح البسام PDF

قراءة و تحميل كتاب تاريخ سليمان الصالح البسام PDF مجانا

المزيد من فكر وثقافة في مكتبة فكر وثقافة , المزيد من كتب متنوعة في مكتبة كتب متنوعة , المزيد من كتب الأدب في مكتبة كتب الأدب , المزيد من كتب الجغرافيا والرحلات في مكتبة كتب الجغرافيا والرحلات , المزيد من كتب الأدب في مكتبة كتب الأدب , المزيد من كتب السير و المذكرات في مكتبة كتب السير و المذكرات , المزيد من كتب السياسة الشرعية في مكتبة كتب السياسة الشرعية , المزيد من كتب الأنساب في مكتبة كتب الأنساب , المزيد من كتب الادب والتراث في مكتبة كتب الادب والتراث
عرض كل الكتب والموسوعات العامة ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..