❞ كتاب مذكرات نوبار باشا ❝  ⏤ لطيفة محمد سالم

❞ كتاب مذكرات نوبار باشا ❝ ⏤ لطيفة محمد سالم

صدرت حديثاً عن «دار الشروق» المصرية، للمرة الأولى، «مذكرات نوبار باشا» التي ضمت واحداً وأربعين فصلاً، إضافة إلى مقدمة وملاحظات كتبها ميريت بطرس غالي. وغطت المذكرات الفترة من 1842 حتى 1879، وهي الفترة التي بدأت بقدومه إلى مصر حتى عزل الخديوي إسماعيل له، وكتبت بين نوفمبر (تشرين الثاني) 1890 ومايو (أيار) 1894.

ولم يذكر نوبار في مذكراته شيئاً عن حياته الخاصة، كما لم يتعرض بشيء لفترتي توليه الوزارة الثانية في يناير (كانون الثاني) 1884، ويونيو (حزيران) 1888، والثالثة في أبريل (نيسان) 1894.

وخصص نوبار باشا في شهادته على عصره ستة فصول لوالي مصر محمد علي، وابنه إبراهيم، وأربعة لعباس، وستة لسعيد، بينما خص الخديوي إسماعيل بـ25 فصلاً، وهي الفترة الأكبر التي كان لنوبار باشا فيها دوراً كبيراً في المشروع النهضوي، والتأثير فيما يدور من أحداث.
وسعى نوبار باشا في مذكراته لإعادة رسم صورته التي تشكلت بشكل سلبي حين تولى مسؤولية منصب رئاسة الوزراء ثلاث مرات خلال القرن التاسع عشر من تاريخ مصر الحديثة، واتهامه بأنه كان وراء إنشاء المحاكم القنصلية، وتحكم الإنجليز وكثير من الدول الأجنبية في مصر، وما ترتب عليها من ديون، ومن ثم احتلالها.

وفي الفصل المتعلق بمحمد علي، وإبراهيم بن محمد علي، يرى نوبار باشا أن إنجازهما الكبير لم يكن فقط في تحديث الجيش، وتطوير الزراعة وشق الترع، وغيرها من مشروعات اقتصادية، ولكنها كانت أعمق من ذلك في وعيهما بأن الإنسان هو عنوان الحضارة، ومن ثم لا بد أن يتم التخطيط لتنميته وبنائه سلوكياً، وهو ما لمح إليه إبراهيم باشا في إحدى زياراته لأوروبا، عندما رأي من شرفه الفندق الذي كان يقيم فيه اثنين يتشاجران، وحين جاء رجل الشرطة كفا عن التشاحن، وقادهما إلى المخفر. وقتها، نادي إبراهيم نوبار باشا، وحكى له الواقعة، وهو يخبره أنه يتمنى أن تشهد مصر على يديه مثل هذا الوعي والتطور السلوكي.

ويلتقط نوبار باشا كثيراً من ملامح شخصية إبراهيم بن محمد على، وقد أتيحت له مصاحبته في بعض سفرياته إلى فرنسا وإنجلترا، وما شاهده في مدينة ليفربول من شرفة الفندق الذي كان يقيم فيه عام 1884 خلال زيارته إنجلترا، ورحلته الثانية إلى أوروبا، وزيارته المصانع والمتاحف، ثم متابعته لما يدور في الشوارع من لمحات تشير إلى مدى تحضر الإنسان الأوروبي. وفي المذكرات، رصد نوبار الصراع الذي دار بين محمد على وابنه إبراهيم على الحكم، وترقب الأخير تنازل والي مصر أو وفاته ليجلس على كرسيه، كما تحدث عن تناول إبراهيم الخمر، وعدم قدرته على التحكم في نفسه جراء ذلك.

وتمحور القسم الأول من المذكرات بشكل أساسي حول أحلام وطموحات إبراهيم باشا لتطوير مصر، وتحويلها لدولة قوية ومتطورة، مثل ما شاهد في أوروبا، وأحلامه في حال وصوله لحكم مصر بأن يجعلها إمبراطورية عربية، وهو التعبير الذي استخدمه إبراهيم في الحديث عن طموحاته، ثم تحدث عن صراعه مع والده على العرش، ووفاته وجنازته البائسة.

وتشير المذكرات إلى قوة شخصية محمد على، فلكي يؤمن طريق التجارة من الهند لإنجلترا عبر مصر، لم يحتج سوى أن يجعل البدو مسؤولين عن كل شي يحدث في الأراضي التي يتحركون في صحرائها، فكانت البضائع تصل دون أن تعبث بها يد واحدة. ولم يلجأ محمد علي في بداية تأسيس خدمة توصيل الطرود والبريد والبضائع سوى إلى أن يشنق ثلاثة من رؤساء القبائل على أحد أبواب القاهرة، وهو الباب المطل على الصحراء، وكان ذلك عقب حادث سرقة وحيد، وبعدها لم يشهد الطريق واقعة واحدة تخل بالأمن، حتى تم تأسيس خطوط السكة الحديد، بعد نصيحة نوبار لعباس بتأسيسها خلال عامي 1849 و1950. ولفت نوبار باشا إلى أن الحديث بدأ عن السكة الحديد وقناة السويس أواخر أيام محمد علي.

ومن بين ما لمح إليه نوبار باشا حول عبقرية الوالي طريقته في ربط الأجانب الذين يعرف أن وجودهم فيه فائدة كبيرة لمصر، وقد أعاد نظام تملك الأراضي القديم الذي كان أيام المماليك، وهو الإقطاعيات، ومنحهم إياها، وسمح لهم باستصلاح الأراضي القريبة منها، وأجبرهم على دفع الضرائب عن الفلاحين، مع منح أصحاب تلك الإقطاعيات حق تسخيرهم في زراعة الأرض واستصلاحها، وقد كان من نتيجة اتباع باشا مصر هذه السياسة أن وزع نحو أربعمائة ألف فدان على رجاله، وكان منها خمسمائة فدان حصل عليها نوبار باشا نفسه، وباعها للخديوي عباس بسعر اثنين جنيه للفدان. وقد أشار بوغوص، نجل صاحب المذكرات، إلى أن سعر الفدان وصل عام 1890 إلى خمسين جنيهاً.

وكشف نوبار باشا عن الصراع الذي دار بين محمد على وابنه وقائد جيوشه إبراهيم باشا حول العرش، الذي وصل بالفعل إلى إقصاء الأول بسبب مرضه، ووصوله لمرحلة الهذيان، ثم وفاة الثاني عقب عودته لمصر، بعد صراع طويل مع مرض في الصدر، وتشييعه في جنازة لم يشارك فيها سوى عدد من الفلاحين، حيث غضب عليه محمد على، وجعل قواده يغادرون بخيولهم واحداً وراء الآخر، وينسلون من شارع الموسمي، فيما كانت الجثمان يواصل طريقه فوق أعناق الفلاحين وقليل من رجال القائد الذي لم يمهله القدر ليحقق ما كان يصبو إليه.

وتبين المذكرات أن نوبار باشا كان يتمتع بذكاء كبير في التعامل مع الولاة، وكيف يكتسب ثقة كل منهم، حتى إن كانوا على خلاف فيما بينهم، وقد كان يعرف متى يكون قريباً منهم، ومتى ينأى بنفسه عن الأحداث.

ولا تخلو المذكرات من طرافة، وهو ما يتضح من حديث نوبار باشا عن محمد علي، وبعض رسائله التي كان يوجهها إلى قواده، ومنها تلك التي بعث بها إلى نجله وقائد قواده في الإسكندرية، عثمان باشا، عقب وفاة مترجمه بوغوص بوسفيان، الذي كان لسان الوالي في الاتصال بالعالم الخارجي، وقد علم أن عثمان لم يخرج في وداعه إلى مثواه الأخير، فبعد أن وصفه بنجلي المبجل جداً المحظوظ جداً، قال له إنك غبي وحمار، كيف لا تصطحب أنت وحاميتك وجنودك الرجل الذي رباك وأخلص لك إلى مثواه الأخير، وأمره بعد تحذيره من عصيانه باستخراج الجثمان وإعادة دفنه مرة أخرى في جنازة عسكرية كبيرة. بالطبع، لم يحدث أن أخرجوا الميت، لكنه وأفراد حاميته شاركوا في قداس مهيب أقيم في الكنيسة بالإسكندرية، وهو ما كان له أبلغ الأثر في دعم مكانة المسيحيين في تلك الأيام (1844 - 1860)، في وقت كان غير مسموح فيه لأي باشا في مصر أو القسطنطينية بتوجيه تحية لشخص مسيحي تربطه به علاقة صداقة في الطريق العام بأكثر من إيماءة بالعين أو حركة بالرأس.

المدهش في أمر محمد على ونجله إبراهيم، اللذين كانا لهما دور كبير في تحديث مصر وتطويرها، والاستعانة بالعلم في سبيل ذلك ليكون القاطرة الأساسية في تحقيق أهداف بناء الدولة، هو لجوؤهما للعرافين لقراءة الطالع بحثاً عن أخبار المستقبل، وما تخبئه الأقدار لكل منهما، وقد ظل إبراهيم يستفتيهم حتى وفاته. ومع ذلك، فإن المذكرات تكشف عن تقدير كبير يكنه نوبار باشا لهذين القائدين الذين وصفهما بالعبقريين، في حين كان يرى خلفاءهم أقل مرتبة وحنكة وقدرة على إدارة البلاد، وأنهم السبب في كل ما جرى وجر البلاد إلى الأزمات التي تطورت فيما بعد، وأدت إلى الاحتلال الإنجليزي.
لطيفة محمد سالم -

مؤرخة وكاتبة مصرية من مواليد الإسكندرية. وتشغل حالياً منصب أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المتفرغ بكلية الآداب جامعة بنها.

الحياة العلمية
ليسانس آداب (تاريخ) بتقدير جيد جداً عام 1965 كلية الآداب جامعة الإسكندرية.
ماچستير في الآداب (تاريخ حديث ومعاصر) بتقدير ممتاز عام 1970 كلية الآداب جامعة القاهرة.
دكتوراه في الآداب (تاريخ حديث ومعاصر) بمرتبة الشرف الأولى عام 1979 كلية الآداب جامعة القاهرة.
الحياة العملية
التعيين على درجة مدرس مساعد بكلية التربية – جامعة بنها في 27 فبراير 1978.
الحصول على درجة مدرس بكلية التربية - جامعة بنها في 16 سبتمبر 1979.
الحصول على درجة أستاذ مساعد كلية الآداب - جامعة بنها في 9 نوفمبر 1983.
الحصول على درجة أستاذ بكلية الآداب - جامعة بنها في 28 مارس 1988.
قائم بأعمال رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب - جامعة بنها من 2 ديسمبر 1984 إلى 13 فبراير 1987.
إعارة إلى كلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة (المملكة العربية السعودية) - قسم الطالبات من أول سبتمبر 1989 إلى 15 يوليو 1995.
رئيس قسم التاريخ كلية الآداب - جامعة بنها من 23 فبراير 1997 إلى 20 مايو 2001.
وكيل كلية الآداب لشئون الدراسات العليا والبحوث - جامعة بنها من 22 مايو 2001 إلى 31 يوليو 2003.
❰ لها مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ مذكرات نوبار باشا ❝ ❞ القوى الإجتماعية فى الثورة العرابية ❝ ❞ النظام القضائي المصرى الحديث1/2 ❝ ❞ مصر فى الحرب العالمية الأولى ❝ ❞ عرابى ورفاقه فى جنة آدم ❝ الناشرين : ❞ دار الشروق ❝ ❱
من كتب السير و المذكرات التراجم والأعلام - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.

نبذة عن الكتاب:
مذكرات نوبار باشا

2009م - 1445هـ
صدرت حديثاً عن «دار الشروق» المصرية، للمرة الأولى، «مذكرات نوبار باشا» التي ضمت واحداً وأربعين فصلاً، إضافة إلى مقدمة وملاحظات كتبها ميريت بطرس غالي. وغطت المذكرات الفترة من 1842 حتى 1879، وهي الفترة التي بدأت بقدومه إلى مصر حتى عزل الخديوي إسماعيل له، وكتبت بين نوفمبر (تشرين الثاني) 1890 ومايو (أيار) 1894.

ولم يذكر نوبار في مذكراته شيئاً عن حياته الخاصة، كما لم يتعرض بشيء لفترتي توليه الوزارة الثانية في يناير (كانون الثاني) 1884، ويونيو (حزيران) 1888، والثالثة في أبريل (نيسان) 1894.

وخصص نوبار باشا في شهادته على عصره ستة فصول لوالي مصر محمد علي، وابنه إبراهيم، وأربعة لعباس، وستة لسعيد، بينما خص الخديوي إسماعيل بـ25 فصلاً، وهي الفترة الأكبر التي كان لنوبار باشا فيها دوراً كبيراً في المشروع النهضوي، والتأثير فيما يدور من أحداث.
وسعى نوبار باشا في مذكراته لإعادة رسم صورته التي تشكلت بشكل سلبي حين تولى مسؤولية منصب رئاسة الوزراء ثلاث مرات خلال القرن التاسع عشر من تاريخ مصر الحديثة، واتهامه بأنه كان وراء إنشاء المحاكم القنصلية، وتحكم الإنجليز وكثير من الدول الأجنبية في مصر، وما ترتب عليها من ديون، ومن ثم احتلالها.

وفي الفصل المتعلق بمحمد علي، وإبراهيم بن محمد علي، يرى نوبار باشا أن إنجازهما الكبير لم يكن فقط في تحديث الجيش، وتطوير الزراعة وشق الترع، وغيرها من مشروعات اقتصادية، ولكنها كانت أعمق من ذلك في وعيهما بأن الإنسان هو عنوان الحضارة، ومن ثم لا بد أن يتم التخطيط لتنميته وبنائه سلوكياً، وهو ما لمح إليه إبراهيم باشا في إحدى زياراته لأوروبا، عندما رأي من شرفه الفندق الذي كان يقيم فيه اثنين يتشاجران، وحين جاء رجل الشرطة كفا عن التشاحن، وقادهما إلى المخفر. وقتها، نادي إبراهيم نوبار باشا، وحكى له الواقعة، وهو يخبره أنه يتمنى أن تشهد مصر على يديه مثل هذا الوعي والتطور السلوكي.

ويلتقط نوبار باشا كثيراً من ملامح شخصية إبراهيم بن محمد على، وقد أتيحت له مصاحبته في بعض سفرياته إلى فرنسا وإنجلترا، وما شاهده في مدينة ليفربول من شرفة الفندق الذي كان يقيم فيه عام 1884 خلال زيارته إنجلترا، ورحلته الثانية إلى أوروبا، وزيارته المصانع والمتاحف، ثم متابعته لما يدور في الشوارع من لمحات تشير إلى مدى تحضر الإنسان الأوروبي. وفي المذكرات، رصد نوبار الصراع الذي دار بين محمد على وابنه إبراهيم على الحكم، وترقب الأخير تنازل والي مصر أو وفاته ليجلس على كرسيه، كما تحدث عن تناول إبراهيم الخمر، وعدم قدرته على التحكم في نفسه جراء ذلك.

وتمحور القسم الأول من المذكرات بشكل أساسي حول أحلام وطموحات إبراهيم باشا لتطوير مصر، وتحويلها لدولة قوية ومتطورة، مثل ما شاهد في أوروبا، وأحلامه في حال وصوله لحكم مصر بأن يجعلها إمبراطورية عربية، وهو التعبير الذي استخدمه إبراهيم في الحديث عن طموحاته، ثم تحدث عن صراعه مع والده على العرش، ووفاته وجنازته البائسة.

وتشير المذكرات إلى قوة شخصية محمد على، فلكي يؤمن طريق التجارة من الهند لإنجلترا عبر مصر، لم يحتج سوى أن يجعل البدو مسؤولين عن كل شي يحدث في الأراضي التي يتحركون في صحرائها، فكانت البضائع تصل دون أن تعبث بها يد واحدة. ولم يلجأ محمد علي في بداية تأسيس خدمة توصيل الطرود والبريد والبضائع سوى إلى أن يشنق ثلاثة من رؤساء القبائل على أحد أبواب القاهرة، وهو الباب المطل على الصحراء، وكان ذلك عقب حادث سرقة وحيد، وبعدها لم يشهد الطريق واقعة واحدة تخل بالأمن، حتى تم تأسيس خطوط السكة الحديد، بعد نصيحة نوبار لعباس بتأسيسها خلال عامي 1849 و1950. ولفت نوبار باشا إلى أن الحديث بدأ عن السكة الحديد وقناة السويس أواخر أيام محمد علي.

ومن بين ما لمح إليه نوبار باشا حول عبقرية الوالي طريقته في ربط الأجانب الذين يعرف أن وجودهم فيه فائدة كبيرة لمصر، وقد أعاد نظام تملك الأراضي القديم الذي كان أيام المماليك، وهو الإقطاعيات، ومنحهم إياها، وسمح لهم باستصلاح الأراضي القريبة منها، وأجبرهم على دفع الضرائب عن الفلاحين، مع منح أصحاب تلك الإقطاعيات حق تسخيرهم في زراعة الأرض واستصلاحها، وقد كان من نتيجة اتباع باشا مصر هذه السياسة أن وزع نحو أربعمائة ألف فدان على رجاله، وكان منها خمسمائة فدان حصل عليها نوبار باشا نفسه، وباعها للخديوي عباس بسعر اثنين جنيه للفدان. وقد أشار بوغوص، نجل صاحب المذكرات، إلى أن سعر الفدان وصل عام 1890 إلى خمسين جنيهاً.

وكشف نوبار باشا عن الصراع الذي دار بين محمد على وابنه وقائد جيوشه إبراهيم باشا حول العرش، الذي وصل بالفعل إلى إقصاء الأول بسبب مرضه، ووصوله لمرحلة الهذيان، ثم وفاة الثاني عقب عودته لمصر، بعد صراع طويل مع مرض في الصدر، وتشييعه في جنازة لم يشارك فيها سوى عدد من الفلاحين، حيث غضب عليه محمد على، وجعل قواده يغادرون بخيولهم واحداً وراء الآخر، وينسلون من شارع الموسمي، فيما كانت الجثمان يواصل طريقه فوق أعناق الفلاحين وقليل من رجال القائد الذي لم يمهله القدر ليحقق ما كان يصبو إليه.

وتبين المذكرات أن نوبار باشا كان يتمتع بذكاء كبير في التعامل مع الولاة، وكيف يكتسب ثقة كل منهم، حتى إن كانوا على خلاف فيما بينهم، وقد كان يعرف متى يكون قريباً منهم، ومتى ينأى بنفسه عن الأحداث.

ولا تخلو المذكرات من طرافة، وهو ما يتضح من حديث نوبار باشا عن محمد علي، وبعض رسائله التي كان يوجهها إلى قواده، ومنها تلك التي بعث بها إلى نجله وقائد قواده في الإسكندرية، عثمان باشا، عقب وفاة مترجمه بوغوص بوسفيان، الذي كان لسان الوالي في الاتصال بالعالم الخارجي، وقد علم أن عثمان لم يخرج في وداعه إلى مثواه الأخير، فبعد أن وصفه بنجلي المبجل جداً المحظوظ جداً، قال له إنك غبي وحمار، كيف لا تصطحب أنت وحاميتك وجنودك الرجل الذي رباك وأخلص لك إلى مثواه الأخير، وأمره بعد تحذيره من عصيانه باستخراج الجثمان وإعادة دفنه مرة أخرى في جنازة عسكرية كبيرة. بالطبع، لم يحدث أن أخرجوا الميت، لكنه وأفراد حاميته شاركوا في قداس مهيب أقيم في الكنيسة بالإسكندرية، وهو ما كان له أبلغ الأثر في دعم مكانة المسيحيين في تلك الأيام (1844 - 1860)، في وقت كان غير مسموح فيه لأي باشا في مصر أو القسطنطينية بتوجيه تحية لشخص مسيحي تربطه به علاقة صداقة في الطريق العام بأكثر من إيماءة بالعين أو حركة بالرأس.

المدهش في أمر محمد على ونجله إبراهيم، اللذين كانا لهما دور كبير في تحديث مصر وتطويرها، والاستعانة بالعلم في سبيل ذلك ليكون القاطرة الأساسية في تحقيق أهداف بناء الدولة، هو لجوؤهما للعرافين لقراءة الطالع بحثاً عن أخبار المستقبل، وما تخبئه الأقدار لكل منهما، وقد ظل إبراهيم يستفتيهم حتى وفاته. ومع ذلك، فإن المذكرات تكشف عن تقدير كبير يكنه نوبار باشا لهذين القائدين الذين وصفهما بالعبقريين، في حين كان يرى خلفاءهم أقل مرتبة وحنكة وقدرة على إدارة البلاد، وأنهم السبب في كل ما جرى وجر البلاد إلى الأزمات التي تطورت فيما بعد، وأدت إلى الاحتلال الإنجليزي. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

صدرت حديثاً عن «دار الشروق» المصرية، للمرة الأولى، «مذكرات نوبار باشا» التي ضمت واحداً وأربعين فصلاً، إضافة إلى مقدمة وملاحظات كتبها ميريت بطرس غالي. وغطت المذكرات الفترة من 1842 حتى 1879، وهي الفترة التي بدأت بقدومه إلى مصر حتى عزل الخديوي إسماعيل له، وكتبت بين نوفمبر (تشرين الثاني) 1890 ومايو (أيار) 1894.
ولم يذكر نوبار في مذكراته شيئاً عن حياته الخاصة، كما لم يتعرض بشيء لفترتي توليه الوزارة الثانية في يناير (كانون الثاني) 1884، ويونيو (حزيران) 1888، والثالثة في أبريل (نيسان) 1894.
وخصص نوبار باشا في شهادته على عصره ستة فصول لوالي مصر محمد علي، وابنه إبراهيم، وأربعة لعباس، وستة لسعيد، بينما خص الخديوي إسماعيل بـ25 فصلاً، وهي الفترة الأكبر التي كان لنوبار باشا فيها دوراً كبيراً في المشروع النهضوي، والتأثير فيما يدور من أحداث.
وسعى نوبار باشا في مذكراته لإعادة رسم صورته التي تشكلت بشكل سلبي حين تولى مسؤولية منصب رئاسة الوزراء ثلاث مرات خلال القرن التاسع عشر من تاريخ مصر الحديثة، واتهامه بأنه كان وراء إنشاء المحاكم القنصلية، وتحكم الإنجليز وكثير من الدول الأجنبية في مصر، وما ترتب عليها من ديون، ومن ثم احتلالها.
وفي الفصل المتعلق بمحمد علي، وإبراهيم بن محمد علي، يرى نوبار باشا أن إنجازهما الكبير لم يكن فقط في تحديث الجيش، وتطوير الزراعة وشق الترع، وغيرها من مشروعات اقتصادية، ولكنها كانت أعمق من ذلك في وعيهما بأن الإنسان هو عنوان الحضارة، ومن ثم لا بد أن يتم التخطيط لتنميته وبنائه سلوكياً، وهو ما لمح إليه إبراهيم باشا في إحدى زياراته لأوروبا، عندما رأي من شرفه الفندق الذي كان يقيم فيه اثنين يتشاجران، وحين جاء رجل الشرطة كفا عن التشاحن، وقادهما إلى المخفر. وقتها، نادي إبراهيم نوبار باشا، وحكى له الواقعة، وهو يخبره أنه يتمنى أن تشهد مصر على يديه مثل هذا الوعي والتطور السلوكي.
ويلتقط نوبار باشا كثيراً من ملامح شخصية إبراهيم بن محمد على، وقد أتيحت له مصاحبته في بعض سفرياته إلى فرنسا وإنجلترا، وما شاهده في مدينة ليفربول من شرفة الفندق الذي كان يقيم فيه عام 1884 خلال زيارته إنجلترا، ورحلته الثانية إلى أوروبا، وزيارته المصانع والمتاحف، ثم متابعته لما يدور في الشوارع من لمحات تشير إلى مدى تحضر الإنسان الأوروبي. وفي المذكرات، رصد نوبار الصراع الذي دار بين محمد على وابنه إبراهيم على الحكم، وترقب الأخير تنازل والي مصر أو وفاته ليجلس على كرسيه، كما تحدث عن تناول إبراهيم الخمر، وعدم قدرته على التحكم في نفسه جراء ذلك.
وتمحور القسم الأول من المذكرات بشكل أساسي حول أحلام وطموحات إبراهيم باشا لتطوير مصر، وتحويلها لدولة قوية ومتطورة، مثل ما شاهد في أوروبا، وأحلامه في حال وصوله لحكم مصر بأن يجعلها إمبراطورية عربية، وهو التعبير الذي استخدمه إبراهيم في الحديث عن طموحاته، ثم تحدث عن صراعه مع والده على العرش، ووفاته وجنازته البائسة.
وتشير المذكرات إلى قوة شخصية محمد على، فلكي يؤمن طريق التجارة من الهند لإنجلترا عبر مصر، لم يحتج سوى أن يجعل البدو مسؤولين عن كل شي يحدث في الأراضي التي يتحركون في صحرائها، فكانت البضائع تصل دون أن تعبث بها يد واحدة. ولم يلجأ محمد علي في بداية تأسيس خدمة توصيل الطرود والبريد والبضائع سوى إلى أن يشنق ثلاثة من رؤساء القبائل على أحد أبواب القاهرة، وهو الباب المطل على الصحراء، وكان ذلك عقب حادث سرقة وحيد، وبعدها لم يشهد الطريق واقعة واحدة تخل بالأمن، حتى تم تأسيس خطوط السكة الحديد، بعد نصيحة نوبار لعباس بتأسيسها خلال عامي 1849 و1950. ولفت نوبار باشا إلى أن الحديث بدأ عن السكة الحديد وقناة السويس أواخر أيام محمد علي.
ومن بين ما لمح إليه نوبار باشا حول عبقرية الوالي طريقته في ربط الأجانب الذين يعرف أن وجودهم فيه فائدة كبيرة لمصر، وقد أعاد نظام تملك الأراضي القديم الذي كان أيام المماليك، وهو الإقطاعيات، ومنحهم إياها، وسمح لهم باستصلاح الأراضي القريبة منها، وأجبرهم على دفع الضرائب عن الفلاحين، مع منح أصحاب تلك الإقطاعيات حق تسخيرهم في زراعة الأرض واستصلاحها، وقد كان من نتيجة اتباع باشا مصر هذه السياسة أن وزع نحو أربعمائة ألف فدان على رجاله، وكان منها خمسمائة فدان حصل عليها نوبار باشا نفسه، وباعها للخديوي عباس بسعر اثنين جنيه للفدان. وقد أشار بوغوص، نجل صاحب المذكرات، إلى أن سعر الفدان وصل عام 1890 إلى خمسين جنيهاً.
وكشف نوبار باشا عن الصراع الذي دار بين محمد على وابنه وقائد جيوشه إبراهيم باشا حول العرش، الذي وصل بالفعل إلى إقصاء الأول بسبب مرضه، ووصوله لمرحلة الهذيان، ثم وفاة الثاني عقب عودته لمصر، بعد صراع طويل مع مرض في الصدر، وتشييعه في جنازة لم يشارك فيها سوى عدد من الفلاحين، حيث غضب عليه محمد على، وجعل قواده يغادرون بخيولهم واحداً وراء الآخر، وينسلون من شارع الموسمي، فيما كانت الجثمان يواصل طريقه فوق أعناق الفلاحين وقليل من رجال القائد الذي لم يمهله القدر ليحقق ما كان يصبو إليه.
وتبين المذكرات أن نوبار باشا كان يتمتع بذكاء كبير في التعامل مع الولاة، وكيف يكتسب ثقة كل منهم، حتى إن كانوا على خلاف فيما بينهم، وقد كان يعرف متى يكون قريباً منهم، ومتى ينأى بنفسه عن الأحداث.
ولا تخلو المذكرات من طرافة، وهو ما يتضح من حديث نوبار باشا عن محمد علي، وبعض رسائله التي كان يوجهها إلى قواده، ومنها تلك التي بعث بها إلى نجله وقائد قواده في الإسكندرية، عثمان باشا، عقب وفاة مترجمه بوغوص بوسفيان، الذي كان لسان الوالي في الاتصال بالعالم الخارجي، وقد علم أن عثمان لم يخرج في وداعه إلى مثواه الأخير، فبعد أن وصفه بنجلي المبجل جداً المحظوظ جداً، قال له إنك غبي وحمار، كيف لا تصطحب أنت وحاميتك وجنودك الرجل الذي رباك وأخلص لك إلى مثواه الأخير، وأمره بعد تحذيره من عصيانه باستخراج الجثمان وإعادة دفنه مرة أخرى في جنازة عسكرية كبيرة. بالطبع، لم يحدث أن أخرجوا الميت، لكنه وأفراد حاميته شاركوا في قداس مهيب أقيم في الكنيسة بالإسكندرية، وهو ما كان له أبلغ الأثر في دعم مكانة المسيحيين في تلك الأيام (1844 - 1860)، في وقت كان غير مسموح فيه لأي باشا في مصر أو القسطنطينية بتوجيه تحية لشخص مسيحي تربطه به علاقة صداقة في الطريق العام بأكثر من إيماءة بالعين أو حركة بالرأس.
المدهش في أمر محمد على ونجله إبراهيم، اللذين كانا لهما دور كبير في تحديث مصر وتطويرها، والاستعانة بالعلم في سبيل ذلك ليكون القاطرة الأساسية في تحقيق أهداف بناء الدولة، هو لجوؤهما للعرافين لقراءة الطالع بحثاً عن أخبار المستقبل، وما تخبئه الأقدار لكل منهما، وقد ظل إبراهيم يستفتيهم حتى وفاته. ومع ذلك، فإن المذكرات تكشف عن تقدير كبير يكنه نوبار باشا لهذين القائدين الذين وصفهما بالعبقريين، في حين كان يرى خلفاءهم أقل مرتبة وحنكة وقدرة على إدارة البلاد، وأنهم السبب في كل ما جرى وجر البلاد إلى الأزمات التي تطورت فيما بعد، وأدت إلى الاحتلال الإنجليزي.



سنة النشر : 2009م / 1430هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة مذكرات نوبار باشا

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل مذكرات نوبار باشا
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
لطيفة محمد سالم -

كتب لطيفة محمد سالم مؤرخة وكاتبة مصرية من مواليد الإسكندرية. وتشغل حالياً منصب أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المتفرغ بكلية الآداب جامعة بنها. الحياة العلمية ليسانس آداب (تاريخ) بتقدير جيد جداً عام 1965 كلية الآداب جامعة الإسكندرية. ماچستير في الآداب (تاريخ حديث ومعاصر) بتقدير ممتاز عام 1970 كلية الآداب جامعة القاهرة. دكتوراه في الآداب (تاريخ حديث ومعاصر) بمرتبة الشرف الأولى عام 1979 كلية الآداب جامعة القاهرة. الحياة العملية التعيين على درجة مدرس مساعد بكلية التربية – جامعة بنها في 27 فبراير 1978. الحصول على درجة مدرس بكلية التربية - جامعة بنها في 16 سبتمبر 1979. الحصول على درجة أستاذ مساعد كلية الآداب - جامعة بنها في 9 نوفمبر 1983. الحصول على درجة أستاذ بكلية الآداب - جامعة بنها في 28 مارس 1988. قائم بأعمال رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب - جامعة بنها من 2 ديسمبر 1984 إلى 13 فبراير 1987. إعارة إلى كلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة (المملكة العربية السعودية) - قسم الطالبات من أول سبتمبر 1989 إلى 15 يوليو 1995. رئيس قسم التاريخ كلية الآداب - جامعة بنها من 23 فبراير 1997 إلى 20 مايو 2001. وكيل كلية الآداب لشئون الدراسات العليا والبحوث - جامعة بنها من 22 مايو 2001 إلى 31 يوليو 2003.❰ لها مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ مذكرات نوبار باشا ❝ ❞ القوى الإجتماعية فى الثورة العرابية ❝ ❞ النظام القضائي المصرى الحديث1/2 ❝ ❞ مصر فى الحرب العالمية الأولى ❝ ❞ عرابى ورفاقه فى جنة آدم ❝ الناشرين : ❞ دار الشروق ❝ ❱. المزيد..

كتب لطيفة محمد سالم
الناشر:
دار الشروق
كتب دار الشروق دار الشروق أحد دور النشر العربية. وهي ناشر عام للكتب السياسية والسير والمذكرات وكتب التاريخ والفلسفة والعلوم الاجتماعية والدين والفكر القومي والكتب الفنية المصورة وكتب الأطفال. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ ثقوب في الضمير ❝ ❞ ما فعله العيان بالميت ❝ ❞ أبو الهول ❝ ❞ الحسين شهيدا ❝ ❞ نادي السيارات ❝ ❞ كيف ندعوا الناس ❝ ❞ وطنى عكا ❝ ❞ عيسى ابن الإنسان ❝ ❞ قمر على سمرقند ❝ ❞ اللص والكلاب ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ يعقوب الشاروني ❝ ❞ نجيب محفوظ ❝ ❞ جبران خليل جبران ❝ ❞ رضوى عاشور ❝ ❞ مجموعة من المؤلفين ❝ ❞ احمد مراد ❝ ❞ يوسف القرضاوي ❝ ❞ محمد عمارة ❝ ❞ عبد الوهاب المسيري ❝ ❞ توفيق الحكيم ❝ ❞ محمد المنسي قنديل ❝ ❞ يوسف زيدان ❝ ❞ بهاء طاهر ❝ ❞ خيري شلبي ❝ ❞ بلال فضل ❝ ❞ أحمد بهجت ❝ ❞ علاء الأسواني ❝ ❞ صالح مرسي ❝ ❞ أحمد عمر هاشم ❝ ❞ مريد البرغوثي ❝ ❞ د. محمد المخزنجي ❝ ❞ هديل غنيم ❝ ❞ صلاح عيسى ❝ ❞ عمرو الليثى ❝ ❞ عز الدين شكري فشير ❝ ❞ نورا ناجي ❝ ❞ ثروت عكاشة ❝ ❞ عزمي بشارة ❝ ❞ تميم البرغوثي ❝ ❞ جمال البنا ❝ ❞ طارق البشري ❝ ❞ فهمي هويدي ❝ ❞ راجي عنايت ❝ ❞ طالب الرفاعي ❝ ❞ هيثم دبور ❝ ❞ محمد عثمان نجاتي ❝ ❞ عمرو العادلي ❝ ❞ أحمد الفخراني ❝ ❞ د. أحمد عكاشة ❝ ❞ د. محمد قطب ❝ ❞ أمل العشماوي ❝ ❞ عبد الرحمن الشرقاوى ❝ ❞ كمال رحيم ❝ ❞ حسن كمال ❝ ❞ إبراهيم عبد المجيد ❝ ❞ طارق إمام ❝ ❞ مكاوي سعيد ❝ ❞ يوسف القعيد ❝ ❞ أسامة غريب ❝ ❞ سليمان فياض ❝ ❞ علاء الديب ❝ ❞ حجاج حسن محمد ❝ ❞ سعد مكاوي ❝ ❞ البشير بن سلامة ❝ ❞ عبد الحكيم قاسم ❝ ❞ ميسلون هادي ❝ ❞ يوسف عز الدين عيسى ❝ ❞ إبراهيم أصلان ❝ ❞ ميرال الطحاوى ❝ ❞ أسامة علام ❝ ❞ علي حسين ❝ ❞ رجائي عطية ❝ ❞ نعيم صبرى ❝ ❞ محمد أبو الغار ❝ ❞ لطيفة محمد سالم ❝ ❞ وجدي الكومي ❝ ❞ د. علاء الاسواني ❝ ❞ ناصر عراق ❝ ❞ مي التلمساني ❝ ❞ حمدي عبد الرحيم ❝ ❞ أماني العشماوي ❝ ❞ علاء خالد ❝ ❞ مصطفى بكر ❝ ❞ أحمد العسيلى ❝ ❞ إيمان يحيى ❝ ❞ عماد أبو غازي ❝ ❞ صوفى أوكسانين ❝ ❞ إلياس فركوح ❝ ❞ يحيى الجمال ❝ ❞ رشا عدلي ❝ ❞ أ. أحمد سمير ❝ ❞ أحمد زكريا الشلق ❝ ❞ محمد سلماوي ❝ ❞ ريم داوود ❝ ❞ مصطفى الفقي ❝ ❱.المزيد.. كتب دار الشروق